الأثنين 29 أبريل 2024 / 20-شوال-1445

هل أنت راض عن نفسك .



                                                                

                          

د. العربي عطاء الله العربي .

ما أعظم قيمة حياتك عند خالقها فهو الذي سواك ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ، وسخر لك الأرض بما عليها ، وكل هذا وأنت مازلت في صلب أبيك آدم ، فإذا كانت حياتك بهذه القيمة العظيمة فاعلم أن بإمكانك أن تحافظ على هذه القيمة ، وأن تسعى لرفع سعرها باستمرار ، وبإمكانك أيضا أن تضيعها وتبخسها حقها .

هل وقفت مع نفسك وقفة محاسبة تحاسبها على حياتك الماضية ، ومدى ما حققت فيها من إنجازات ، كما قال الله تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد …..” الحشر 18، لا بد أن يكون في ذهنك تصور واضح ومحدد لما تريد أن تحققه في مستقبل عمرك ، فتنظر إلى هذه الحياة نظرة كلية ، على أنها سوف تنتهي في يوم من الأيام ، فينبغي إذا أن تستغل كل لحظة منها في تحقيق أكبر نفع لك ولأهلك ولأمتك ، وأن تقيس تصرفاتك اليوم وغدا وبعد غد بل طوال حياتك ، على أن كل جزء فيها يمثل بعضا من كل ، وهذا الكل هو حياتك باكملها ، كما يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى : ” ابن آدم إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ذهب بعضك ” .

فإذا عرفت من الآن ماذا تريد من حياتك ، فإنك تستطيع أن تميز بين ما هو مهم و ماهو عديم أو قليل الأهمية بالنسبة لك على المدى الطويل ، ومن ثم فإنك لن تبدد وقتك وجهدك وحياتك في أعمال مبعثرة لا رابط بينها ، ولا هدف يجمعها ، ثم تفاجأ بعد سنوات طويلة أنك لم تحقق شيئا مذكورا ، رغم كل ما بذلته من جهد ، وما أنفقته من وقت .

فالنجاح والفاعلية لا يعتمدان على ما نبذله من جهد بقدر اعتمادهما على ما إذا كان هذا الجهد يسير في الطريق الصحيح ، ولذلك نتعجب من انسان يستطيع أن يصنع حياته بإذن الله كأفضل ما يكون ، ولكنه مع ذلك يترك للآخرين هذه المهمة .

وكثير من الناس تتلخص حياته في أنه ود ثم نشأ في بيت والديه ودخل المدرسة فلما أنهى دراسته الثانوية قالوا له : مجموعك يدلك الكلية الفلانية ، فدخلها فلما تخرج منها ، قالوا له : إن تخريجك هذا يتيح لك العمل في الوظيفة الفلانية ، فتقدم إليها وحصل عليها فعلا .

فلما استقر في عمله قالوا : آن لك اليوم أن تتزوج وهذه فلانة زوجة مناسبة لك ، فتزوجها وأنجب منها أولادا كرر معهم نفس القصة ، إلى أن رقد على فراش الموت ومات ثم دفن ، وبقي أولاده ليعيشوا نفس القصة .

وهذا واقع كثير من المسلمين اليوم .

فالإنسان حقا هو الذي يعطي لحياته قيمة ومعنى بتحديد رسالته وأهدافه فيها ، فإن الحياة معناها أن تكون لدينا رسالة نؤديها .

كن سعيدا وإن كانت حياتك مليئة بالمنغصات ، افرح وإن كانت أهدافك الكبرى مازالت تنتظر التحقيق .

تذكر دائما :

لا تضيّع صحة جسمك وفراغ وقتك بالتقصير في طاعة ربك والثقة بسالف عملك ، واجعل الاجتهاد غنيمة صحتك والعمل فرصة فراغك .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم