الخميس 02 مايو 2024 / 23-شوال-1445

وبالوالدين إحساناً



 

إن العاطفة الناشئة بيننا وبين آبائنا وأمهاتنا لم تكن في حاجة يوما إلى إعادة إحياء أو تذكير، إنها فطرية وتلقائية بالقدر الذي يجعلها حاضرة على طول الحياة رقراقة مندفعة تثبت في كل المواقف مدى أصالتها وصدقها عن أي من العلاقات الأخرى.

إحساسنا بهذه العاطفة عميق جدا كونه يأتي من جهتين، جهة بدايات العمر ووثبة الصبا والشباب اللتين نرتبط فيهما جدا بآبائنا وأمهاتنا أشد ارتباط، وجهة أواسط العمر وما بعدها، تلك التي ربما نصير فيها آباء أو أمهات، إننا نعيد تمثل ما كان عليه والدانا من دور ومسؤولية، من هنا نستشعر أكثر صدق وحجم ما كانوا عليه من إحساس تجاهنا، ويتم في قلبنا معنى آخر عميق يضاف إلى معانٍ كثيرة شملها ويشملها معنى الأبوة والأمومة.

يدرك الإسلام جيدا تلك المعاني السابقات، لذا فإنه يؤكد دائما وأبدا على ضرورة أن يحسن الإنسان إلى أبيه وأمه ولا يعصي لهما أمرا، وهو في سبيل الترغيب في ذلك الإحسان يمدح من يأتي ذلك ويعده بكثير من الدرجات والثواب، والمتأمل في كتاب الله وفي مواقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجد كثيرا من الحظ والدفع باتجاه بر الوالدين والامتثال لهما.

لقد كان القرآن حازما أيما حزم في نهر من يفكر في إيذاء والديه ولو بأقل العبارات أو الإشارات، وهو ما نراه واضحا في قوله تعالى «فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما» إن «أف» المشار إليها في الآية الكريمة لدالة على أقل درجات الغضب التي يمكن أن يعبر عنها الإنسان حين ضجره وضيقه، وعبر هذا التعبير البليغ نرى مدى رفعة الشأن التي يمنحها الإسلام ومعه الفطرة الإنسانية للأب والأم، وحتى الوصول بتلك المكانة إلى تلك الدرجة التي لا يجوز معها قول كلمة أف لهما.

إن عقوق الوالدين وعدم الاهتمام لهما ومقاطعتهما لمن أكثر الأشياء خروجا بالإنسان عن حيز الإنسانية، إنه نكران للجميل وفعل شنيع لا يجب أن يأتيه أحد أبدا، لذلك أستغرب جدا ذلك الزمان الذي نحياه والذي صرنا نرى فيه العجب العجاب، صرنا نرى ولدا عاقا بوالديه يسب ويشتم ويهتك الستر، صرنا نرى قسوة قلب وجفاء حس يقود صاحبه إلى قطع الرحم وعدم السؤال أو القيام على أمر والديه.

يجب أن نفيق جميعا وأن نهب عائدين إلى رشدنا إلى أصلنا، إن آباءنا وأمهاتنا هم أبقى الناس لنا، جميع من حولك يمكنهم أن يتخلوا عنك بسهولة إلا والداك ربما ضحيا بأنفسهما في سبيل سعادتك وبقائك فلا تبخل أبدا عليهما بمشاعرك، كن رفيفا بهما رحيما، تفهم كلامهما برحمة وخذ نصيحتهما بفعالية، واعلم أن جميع ما يهبانك من رأي هو رأي قريب من السداد وذلك بفضل ما فيه من صدق وإخلاص، لذا كن على قدر المسؤولية وكن بارا بهما تسعد في دنياك ويتم الله عليك آخرتك مثابا في أعلى الدرجات.

المصدر:
http://www.alyaum.com/articles/6042259/الثقافة-والرأي-/الرأي/وبالوالدين-حسانا

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم