السبت 18 مايو 2024 / 10-ذو القعدة-1445

ولسيدات الأعمال أقول



ولسيدات الأعمال أقول

عشت ـ مع ثُلة من الأكاديميين والصحفيين ـ مساء مختلفا يوم الاثنين المنصرم، في ضيافة إنجاز رائد لسيدة الأعمال عائشة الراشد، الغائبة/ الحاضرة، التي غابت عن المشهد عينا، وحضرت وشخصت بعملها الرائع (شمل)، حين حوّلت مفهوم الإحسان من التقليدية إلى العصرية، ومن التكرار الذي أفقد بعض المشروعات طعومها، بل قيمتها، إلى الترقي إلى عمل متميز، متكامل الخدمات، ظهرت فيه سمة (الوعي) الحضارية، التي لم تلتفت إلى فئة اليتيمات والمقطوعات والمعنفات؛ لتؤويهن بأية صورة، بل امتطت جواد الجودة في العمل، فجمعت بين غرفة النوم ومركز التدريب، وبين المطبخ ومعمل الحاسوب، وأرت (نساء الأعمال) كيف يستثمر المال، وأين يمكن أن تنمو شجرته، وإلى أين يمكن أن تصل ثمراتها.

 

 

إن المسلم صاحب تصور خاص لهذه الحياة التي يعيشها، فهو يعلم علم اليقين بأنها قنطرة إلى الآخرة، وأن مشروعاتها التي تقف عند حدودها سوف تجف أوراقها فورا مع آخر نفس يلفظه، وإن استمرت فهي لغيره، إلا ما أوقف منها في وجوه الخير، أو ما أوصى به في دروبه.

 

إن الإحصاءات تشير إلى أن الاستثمارات النسوية السعودية تحتل أكثر من 21% من حجم الاستثمار الكلي للقطاع الخاص، وأن أكثر من 20% من الأموال الموظفة في صناديق الاستثمار السعودية المشتركة تملكها نساء، كما أن حجم رؤوس الأموال النسائية في المملكة قد ارتفع إلى ستين مليار ريال بحسب إحصائية أعدها مركز السيدة خديجة بنت خويلد التابع للغرفة التجارية الصناعية بجدة. وتشير بعض التقديرات إلى أن إجمالي حجم ما تملكه سيدات الأعمال في المملكة يتجاوز خمسة وسبعين مليار ريال في البنوك السعودية، كما تبلغ قيمة الاستثمارات العقارية باسم السعوديات نحو مئة وعشرين مليار ريال.
هذه الثروات ينبغي أن تستثمر في تنمية البلاد بوجوه الاستثمار التجارية والخيرية في خطين متوازيين، وكلاهما مهم للتنمية، وإن من التقصير الكبير الذي أراه ماثلا في بلادنا، أن تبقى كثير من دور القرآن، وجمعيات البر، ومراكز الدعوة، واللجان الاجتماعية، ومراكز الأسرة في مبان مستأجرة، وبعضها قديم وليس لائقا بأعمالها الجليلة، بينما تبقى هذه الثروات رهينة البنوك، فلو نهضت كل سيدة من سيدات الأعمال بمشروع لكون ذلك نهضة عملاقة في العمل الخيري، ولن تنقص خمسة ملايين، أو عشرة، أو عشرون مليونا، من تلك الثروات، بل ستباركها دون شك.
كل جهة خيرية تُبنى فسيتضاعف إنتاجها؛ لتغطي جانبا من جوانب الاحتياج الشديد الذي أبدع فيه القطاع الخيري في بلادنا، بتوجيه ودعم ومساندة من دولتنا أيدها الله بفضله، ووفقها لكل خير.
حين يتوافر البناء الزاخر بالمرافق المجهزة بأحدث التقنيات، والذي يتسع لكل طموحات العاملين والعاملات، ويلبي كل احتياجات العمل، فإن من الطبيعي أن يقطف الوطن ثمراته أضعافا مضاعفة، وإن كل ثري وثرية يمضيان من هذه الدنيا دون أن يتركا بصمة بحجم هذه البصمة المضيئة، فإنهما يكونان قد خسرا فرصة من فرص الخلود في الدنيا، الذي يرجى أن يكون سببا للخلود في جنات النعيم في الآخرة.
وفاء/ أذكر بالثناء العطر أسرة الجبر الذين سبقوا ببناء مقر اليتيمات، وسكن المستفيدين من جمعيات البر، وعدد من المشافي والمدارس، وغيرها، ومثلهم العفالق الذين التفتوا إلى كبار السن فآووهم، وإلى ظاهرة التدخين فقادوا سفينة النجاة منها في مشروعهم (حياة)، وغيرهم من أسر الخير والعمل الدؤوب في دروب الإبداع في الإحسان، ودمت أحساء الخير بأهل الخير.. أهلك الطيبين.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم