الخميس 16 مايو 2024 / 08-ذو القعدة-1445

وقفة محاسبة مع الذات



هذه الأيام القادمة إن شاء الله تعالى سنستقبل عاما هجريا جديدا ، ونودع عاما آخر ، ما ندري ما الله قاض فيه ، ولنسال أنفسنا هل اغتنمنا فيه الأوقات والساعات وتزودنا فيه من الباقيات الصالحات أم أنه مضى ونحن نعيش في لهو وغفلة وتيه وضياع ؟! .

ومن أجمل ما تقوم به الأمة أن تقف بين الحين والآخر تحاسب نفسها وتراجع حساباتها وخطتها ومسيرتها ومواقفها ، والمحاسبة للنفس تدل على قوة الأمة وعزيمتها وإرادتها على تجبن الأخطاء وعدم الوقوع فيها ، ومحاولة السير في الطريق الصحيح الذي يضمن لها النجاح والتقدم والازدهار والفلاح في الدنيا والآخرة ، إنها وقفة نظر وتدبر وتذكير وعبرة ، إنها وقفة لا تعطل المسيرة بل تساعدها على التقويم والمراجعة والحساب .

وكان سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين كانوا يحرصون على أوقاتهم حرص غيرهم على الدنيا والمال ، فهذا الحسن البصري رحمه الله تعالى يصف الصحابة مخاطبا التابعين في عصره فيقول : ” أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم ” ، وينصح ابن الجوزي رحمه الله تعالى فيقول : ” ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل ” .

فلا بد لكل واحد منا أن يقف مع نفسه وقفة محاسب ، فهي نهج عظيم رسمه الله لعباده المؤمنين ، حيث تجري فيها المراجعة للماضي والنظر في الحاضر والإعداد للمستقبل ، واسمع إلى آيات الله وهي تهز القلوب ، قال تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ، ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ” الحشر 18- 19 .


وسيمضي هذا العام الهجري بعد أيام ، ولن يعود إلى يعود إلى يوم القيامة وهو شهيد لك أو عليك ، كما ذكر الحسن البصري رحمه الله تعالى : ” كل يوم جديد يشق فجره ينادي مناد ، أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فإغتنمني فإني لا أعود أبدا ” ، ويقول : ” ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك ” .

وتظل جملة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه تدوي في الزمان كله تعظ وتذكر : ” حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا ، وتجهزوا للعرض الأكبر ، يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية ” .
فلنحاسب أنفسنا ما ذا فعلنا في عام مضى من عمرنا ، ونسأله تعالى أن يبارك لنا في عامنا الجديد ويجعله عم نصر وخير للمسلمين .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم