السبت 18 مايو 2024 / 10-ذو القعدة-1445

وداعاً.. للنظارة السوداء .



يُحكى أن قائدًا هُزِمَ في إحدى المعارك، فسيطر اليأس عليه ، وذهب عنه الأمل ، فترك جنوده وذهب إلى مكان خال في الصحراء ، وجلس إلى جوار صخرة كبيرة.. وبينما هو على تلك الحال ، رأى نملة صغيرة تَجُرُّ حبة قمح ، وتحاول أن تصعد بها إلى منزلها في أعلى الصخرة ، ولما سارت بالحبة سقطت منها، فعادت النملة إلى حمل الحبة مرة أخرى. وفي كل مرة، كانت تقع الحبة فتعود النملة لتلتقطها، وتحاول أن تصعد بها…وهكذا.

فأخذ القائد يراقب النملة باهتمام شديد، ويتابع محاولاتها في حمل الحبة مرات ومرات، حتى نجحت أخيرًا في الصعود بالحبة إلى مسكنها، فتعجب القائد المهزوم من هذا المنظر الغريب، ثم نهض القائد من مكانه وقد ملأه الأمل والعزيمة فجمع رجاله ، وأعاد إليهم روح التفاؤل والإقدام ، وأخذ يجهزهم لخوض معركة جديدة .. وبالفعل انتصر القائد على أعدائه ، وكان سلاحه الأول هو الأمل وعدم اليأس، الذي استمده وتعلمه من تلك النملة الصغيرة “.

أرى البعض يصر أن يلبس نظارة سوداء ، كلما ظهرت بارقة أمل تراه يصر أن يلبسها فيقلب الأمر ظلاماً بدل النور ويأساً بدل الأمل ولا يرى إلا ظلاماً دامساً لا نور فيه .. ما أن ينقطع تيار الكهرباء لخطأ أو عطل ما عادي حتى تراه بنظاراته السوداء يراه مؤامرات تحاك وتدبر وتخطط بليل فأمريكا على الأبواب أما إسرائيل فجيشها قد أعد وانتهى الأمر .. يأس وإحباط يسيطران على حياة أصحاب هذه النظارات ، وهكذا حالهم كلما حلّ حدث ، أياً كان الحدث ، لهم نظريتهم الثابتة التي لا تتغير ، وجهتهم سوداء تجاه كل حدث مع أن بصيص الأمل يزيد ويكبر ، ولكنهم وللأسف عاجزون عن أن يستوعبوا ما حدث ، فالتغير حدث ويحدث والموجة تزيد والطغاة يسقطون ، وواجبنا أن نبني وطننا الذي صار في أيدينا وُرد إلينا بعد طول اغتصاب ..

يقول صاحب الظلال : ” أمَّا القلب الندي بالإيمان المتَّصل بالرحمن، فلا ييأس ويقنط مهما أحاطت به الشدائد، ومهما ادْلَهَمَّتْ به الخطوب، ومهما غام الجو وتلبَّد، وغاب وجه الأمل في ظلام الحاضر وثقل هذا الواقع الظاهر فإنَّ رحمة الله قريبٌ من قلوب المؤمنين المهتدين، وقدرته تنشئ الأسباب كما تنشئ النتائج وتغيِّر الواقع كما تغيِّر الموعود “.

ويقول أ.علي مختار عند هذا : ” هذه الحالة التي تتسرب إلى البعض، هي نتيجة لعدم إدراكهم لقواعد وسنن التغيير، فالتحولات في المجتمعات لا تكون بين عشية وضحاها، بل إن التحول يأخذ في المجتمعات سنوات طويلة، وربما يستغرق التغيير عقوداً ، وتزداد الفترة كلما أمعن الظلم والفساد وضرب بجذوره في المجتمعات “.

وصدق الله حين قال : ” حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ “.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم