السبت 18 مايو 2024 / 10-ذو القعدة-1445

مواهب الفتيات بين الانفتاح السلبي وضيق التقاليد .



مواهب الفتيات بين الانفتاح السلبي وضيق التقاليد .
http://www8.0zz0.com/thumbs/2011/12/20/13/989496012.jpg
أ. روحي عبدات .

لقد دخلت المرأة في عصرنا الحاضر شتى مجالات الحياة ونافست الرجل في أماكن كثيرة، وأثبتت أنها قادرة وتستطيع أداء الكثير من الأعمال والمهن التي يؤديها الرجل، وفي كثير من المرات بطريقة وشكل أفضل من أداء الرجل في بعض المهن، وليس ذلك فحسب بل تكشفت الكثير من المواهب عند الفتيات والنساء بمجرد إتاحة الفرصة لهن للتعبير عنها وممارستها، في الأدب والفن والرياضة وغيرها من المجالات.

وعلى الرغم من ذلك، لا زالت كثير من القدرات والمواهب التي تمتلكها الفتاة مدفونة تحت ركام ثقافة العيب والعادات الموروثة، فقد قتل هذه المواهب الكثير من التشدد والتعصب الأعمى نحو الفتاة بحجة عدم قدرتها على الممارسة والفعل أو حصرها في المطبخ، وهو ما يعبر عن الحاجة الداخلية للرجل في أن يبقى المتفوق والمسيطر الأول دون الحاجة لمرأة تشاركه وتنافسه، وعدم تقبله للتفوق عليه من قبل مخلوق ضعيف حسب نظرته.

في مجتمعاتنا الذكورية التي تدعم كل ما يتعلق بالذكر منذ ولادته، مجتمع تتمنى كثير من أسره أن تكون خالية من مخلوق اسمه الأنثى، يدعم الوالدين الذكر ويحيطانه بكل ما أوتيا من قوة من أجل تعليمه وتنمية مواهبه وقدراته، وينفقان عليه الطائل من الأموال ليصل إلى أبهى مرتبة علمية أو مهنية، فيما تبقى الفتاة في أضيق هوامش الحرية الفكرية والتعبير عن الذات، وقد يمارس هذا التضييق من المرأة ذاتها التي هي الأم الحالية والتي كانت فتاة الماضي، نظراً لما مورس عليها من ضغوط تنعكس من جديد على ابنتها.

هناك الكثير مما تستطيع الفتاة عمله وتنميته من مواهب وقدرات في إطار مجتمعاتنا العربية وروح ثقافتنا الاسلامية، وعندما نقول المواهب لا نقصد بها تجيير هذه القدرات الخاصة عند الفتاة لتتجلى في صور الفن الهابط، والاستغلال السلبي لهذه المواهب،

حيث تنحرف بعيداً عن الوظيفة العليا التي خلقت المرأة من أجلها، لدرجة الإسفاف في قيمة المرأة وانحدار التعامل مع مواهبها وقدراتها بشكل يبخس من قيمة الموهبة والابداع، أو تحويلها لمنافع مادية تخدم فئة معينة، بل إنما نعنيه هو تغذية وصقل القدرة عند الفتاة وعنصر الموهبة التي قد تتبدى في شتى صنوف العلم والمعرفة، وكل مناحي العمل الملتزم الذي يعبر عن أصالة مجتمعاتنا واحترامنا لمختلف الفئات دون تمييز، واستثمار القدرة مهما بلغت من صغر، في عمل مثمر ينعكس على الذات والمجتمع.

إن كبت المواهب الموجودة عند الفتاة من شأنه أن يقود إلى نظرة سلبية إلى الذات، ونقمة على الآخرين الذين لم يعتنوا بهذه القدرات، وعدم انتماء إلى المجتمع القامع للقدرة، والذي يميز في تعامله بين الفتاة وأخيها ابتداء من المنزل ومروراً بالمجتمع الأوسع.

أما تشجيع الموهبة والقدرة من شأنه أن يقود إلى تمتع الفتاة بالصحة النفسية، والرضا عن الذات والقدرات، إضافة إلى تبصيرها بمكامن قوتها، وقدرتها على مواجهة التحديات التي تواجهها في معترك الحياة المتغيرة، التي دخلت عليها الكثير من التغيرات، والتي بات لزاماً على الفتاة التعامل معها وانتقاء ما يناسبها منها، وفق الدين والعادات المتعارف عليها.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم