الأسرة حجر الزاوية في بناء الأمم (الجغيمان،2017م) فمنها تُبنى الحضارات ومنها تنهدم، فمهمتها ليست قائمة فقط على البناء الجسدي، بل تكمن مهمتها الرئيسة على البناء العقلي والقيمي والأخلاقي لأفرادها؛ ليكونوا أفرادا فاعلين، لهم الأيدي المعطاءة التي لا تتوقف عن البناء في مجتمعاتهم وأوطانهم وأمتهم، وتتحمل الأسرة وخاصة الوالدان مسؤولية الرعاية الكاملة لأولادها؛ من أجل أن يكونوا قادرين على العطاء في مراحل حياتهم المختلفة، وتكبر مسؤوليتهم أكثر إذا كان أولادها من ذوي القدرات العالية أو بالأدق من الموهوبين، فهذا يتطلب منهم توفير البيئة المناسبة المعينة على استثمار القدرات الكامنة في دواخل هؤلاء الموهوبين من كلا الجنسين، ولكن لتحقيق ذلك سيواجه الوالدان عددا من التحديات التي قد تكون صعبة على كثير من الأسر تجاوزها بشكل يسير أو هين، مع ضمان النتيجة المأمولة؛ لذلك أتت هذه السلسلة من المقالات لتكون عونا بإذن الله على تجاوز ذلك.

إن التحديات التي يمر بها الوالدان في تربية أطفالهم الموهوبين تبدأ من ظهور هذا الطفل الموهوب إلى الحياة وخاصة في بداية ظهور العلامات الدالة على قدرات عالية غير عادية بالنسبة لبقية الأطفال، وكيف يمكن التعامل معها التعامل الأمثل، بما يضمن استمرارها ونموها بالشكل الأمثل والمناسب دون إفراط أو تفريط في طريقة التعامل مع الموهوب.

ولعلي أذكر بعض التحديات التي يعدها المختصون من أهم الأمور التي ستواجه الوالدين في تربية طفلهما الموهوب سواء أكان ذكرا أم أنثى (ريم وديفز،2014م):

التوقع الإيجابي المتوازن: ويقصد بها الصورة المبنية في أذهان الوالدين عن طفلهما الموهوب والتي قد تكون بين طرفين متناقضين: إما الاعتراف وإما الرفض لهذه القدرات والموهبة، فكيف يجب أن تكون وما المشكلات المترتبة على ذلك؟

راشدون في سن الطفولة: يعتقد بعض الآباء والأمهات أنه ببروز تلك القدرات العالية لدى طفلهم الموهوب بأنه قادر على تحمل المسؤولية الكافية والقادرة على اتخاذه لقراراته وحل مشكلاته، فما تبعات ذلك وما الذي ينبغي أن يكون؟

التنافس المحمود: يتميز الموهوبون بحب المنافسة العالية والتي قد يسبب لهم الضغط العالي المؤثر سلبا عليهم وعلى ذات موهبتهم فكيف يمكن للوالدين أن يحققا التوازن المطلوب للموهوب؟

الموهوب بين إخوة موهوبين وغير موهوبين: من أكبر المشكلات التي يمر بها الوالدان مع أطفالهم الموهوبين هو وجود التنافس الشديد بين الإخوة من أجل إثبات الذات لديهم مما قد يؤثر على الموهوب ويأدي إلى تولد الضغط المؤثر سلبا عليه فكيف يمكنهما تجاوز ذلك؟

الرفاق: للرفاق دور مؤثر كبير في حياة الموهوب وخاصة في مرحلة المراهقة مرحلة البحث عن الشعبية والأشخاص الذي يقدرونه ويعترفون به، والذي قد يجعله يقع في مجموعة لا تقدر الجد والاجتهاد والتعلم والرجوع للوالدين، مما قد يجعله يتخلى عن بعض ما يميزه بالفعل من قدرات وموهبة من أجل أن يحصل على هذا الاعتراف، وفي هذه المرحلة يضعف دور الوالدين فكيف يمكن أن يمسك بزمام الأمور مرة أخرى حتى لا يفقد الموهوب مرحلة من أهم مراحل حياته؟

بين جنتين: من أكثر الأمور التي قد تؤثر على الطفل الموهوب حياته في أسرة غير تقليدية أو طبيعية مكونة من أسرة مفككة إما بسبب الطلاق أو غياب أحد الوالدين عن المنزل بسبب وفاة أو عمل أو غيرها مما يترتب عليه العديد من المشكلات فكيف يمكن أن تتعامل الأسرة مع هذا الأمر؟

إذا لماذا هذه السلسلة مهمة؟

أعتقد أنه من خلال النقاط المذكورة ستتضح أنها متواجدة في كثير من البيوت إن لم تكن قد اجتمعت جميعها في أحد البيوت، ومن خلال هذه السلسلة من المقالات سأحاول ـ بإذن الله تعالى ـ الإجابة عليها وتوضيحها لعلها تسهم في زيادة الثقافة بالرعاية الوالدية المثلى للأطفال الموهوبين.