الخميس 16 مايو 2024 / 08-ذو القعدة-1445

كيف نتهيأ لأفضل أيام الدنيا



بقلم د.عادل غنيم
نحن على أعتاب أفضل أيام الدنيا، وهو تقدير إسلامي للأيام العشر الأُول من ذي الحجة، ورد على لسان النبوة: «أفضل أيام الدنيا العشر» – يعني عشر ذي الحجة – رواه البزار، وصححه الألباني، ولكي نحوز على أفضل إنجاز في هذه الأيام فلا بد من تهيئة النفس وتحضيرها وتحفيزها على أن تكون في أفضل حالاتها، واستنهاض همتها لاستخراج الطاقات الكامنة داخلها.

والهدف من التهيئة هو اغتنام هذه الأيام في أعمال صالحة، وهذا ما رغبنا النبي – صلى الله عليه وسلم – فيه فقال: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر». قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء» صحيح البخاري.

وإذا تأملنا هذا البيان النبوي لوجدناه يتكلم بلغة الحب، (أحب إلى الله)، فهنا حديث عن الأحب إلى الله وهي منزلة لا يقدر لها قدرها إلا المؤمنون، {والذِين آمنُوا أشدُ حُبا لِلهِ} (سورة البقرة 165).

وليس هنا كلام عن تسجيل آلاف الحسنات ومضاعفة الأجور، ولكن التقرب إلى الله بما هو أحب إليه وأرضى، ولك أن تتصور كيف يكون عطاء الله لمن كان عمله حبا لله وابتغاء مرضاته، إنه عطاء لا حدود له، وهذا شأن ربنا في وده وكرمه لمحبيه.

وقد تمر هذه الأيام على بعضنا في غفلة دون أن يستشعر قيمتها، أو أن يستبق فيها من الخيرات، وهذه خسارة حقيقية أشد من خسارة التاجر الذي فاته موسم مزدهر.

وفي هذه الأيام العشر المعلومات يؤدي الحجيج مناسكهم قال تعالى: {وأذِن فِي الناسِ بِالحجِ يأتُوك رِجالا وعلى كُلِ ضامِرٍ يأتِين مِن كُلِ فجٍ عمِيقٍ * لِيشهدُوا منافِع لهُم ويذكُرُوا اسم اللهِ فِي أيامٍ معلُوماتٍ} (سورة الحج: الآيتان 27 -28).

لكن فضل هذه الأيام ليس خاصا بالحجيج، بل يشترك في خيرها وفضلها الحُجاج إلى بيت الله الحرام، والمُقيمون في بلدانهم.

ولعلك لاحظت في البيان النبوي شمولية العمل الصالح، سواء أكان أداء لشعائر تعبدية من ذكر ودعاء وصلاة وصيام وصدقة وحج أو كان إنجازا لأعمال خيرة لصالح النفس والأسرة والجوار والمجتمع بأسره.

وإذا دخلت العشر من ذي الحجة وأراد أحدنا أن يضحي فلا يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره حتى يذبح أضحيته، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إِذا دخلتِ العشرُ وأراد أحدُكُم أن يُضحِي فلا يمس مِن شعرِهِ وبشرِهِ شيئا» أخرجه مسلم، ولعل الحكمة في هذا النهي أنه لما كان المضحي مشاركا للحاج المحرم في بعض أعمال النسك، وهو التقرب إلى الله بذبح القربان كان من الحكمة أن يعطى بعض أحكامه، كما ذكر العلامة ابن عثيمين رحمه الله.

بوسعك أن تشارك الحجيج في الأجر، حُج بقلبك وصالح عملك، إلى أن يتيسر لك حج الفريضة، واعلم أن الطريق إلى الله – تعالى – تُقطع بالقُلُوب لا بالأجساد.
http://www.alyaum.com/articles/6045942/الثقافة-والرأي-/الرأي/كيف-نتهيأ-لأفضل-أيام-الدنيا

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم