الخميس 18 أبريل 2024 / 09-شوال-1445

عشرة طرق لتتحرر من الشك في النفس



 

الشك في النفس هو العادة العقلية على التشكيك في أرائك أو قيمتك. فمثلًا لنفترض أن منصبًا جديدًا لطالما وددت الحصول عليه في عملك أصبح متاحًا، فإذ بك تسارع في إرسال بريد إلكتروني إلى رئيسك لِتخبره برغبتك في التقديم على المنصب ولكن فور إرسال البريد يفيض عقلك بالشك والريبة:

أنا لست مؤهلًا مثل مؤهلات زميلي الآخر من قسم التسويق…

إنه حمل كبير وأنا لا أحسن العمل تحت الضغط…

ماذا لو فشلت في المقابلة؟ حينها سيعلم رئيسي وكل المدراء عن انعدام ثقتي بنفسي.

ثم في المساء ترسل رسالةً أخرى إلى رئيسك لتتراجع عن قراركَ السابق، فتشعر بالراحة سريعًا بعد ذلك ولكن على مدار الأسابيع والشهور التي تليها سيغلب عليك الشعور بخيبة الأمل والخجل من أنك لا تملك الشجاعة الكافية للتقديم على المنصب.

بصفتي أخصائي ومعالج نفسي، أساعد مراجعيني على تخطي مشكلات الشك في النفس ليصبحوا أكثر ثقةً بأنفسهم وبِقدراتهم من ذي قبل. وفي سطور هذا المقال سأوضح كيفية فهم ماهية الشك في النفس ومصدره، ثم سأسرد بعض الوسائل العملية للتخلصِ منه.

من أين يأتي الشك بالنفس؟

الشك في النفس -مثل كل العادات-يمكن أن يأتي من مصادر متنوعة، بل ولا يوجد شخصان يتشابهان تمامًا في معاناتهما مع الشك في النفس. فمثلًا، قد ينشأ الشك في النفس عند أحدهم منذ الطفولة، ربما نتيجةً لطريقة نشأته. ومن ناحيةٍ ثانية، فقد ينشأ الشك في النفس في مراحل متقدمة عند البالغين استجابة للأزمات أو الضغوط غير المتوقعة مثل الطلاق أو الفصل عن العمل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن العوامل المسببة للشك في النفس أساسًا، ليست دائمًا ذات العوامل التي تحافظ على استمراريته . ربما كان التنمر عليك طفلًا سبب عادتك في الشك في النفس في بادئ الأمر، ولكن بعد بلوغك تسببت عادتك في التماس طمأنينتك من الآخرين في استمرار الشك بالنفس.

ثلاث أسباب شائعة للشك في النفس

في حين أنه من المهم الاعتراف بأن عواملًا عديدة قد تسبب الشك في النفس وتحافظ على استمراره، هناك ثلاث أسباب تتكرر باستمرار في عملي معالجًا نفسيًا، وهي:

١. الأبوان النَّرجسيان: عادةً ما يقال إننا نميل إلى تكرار ذات الأخطاء التي يرتكبها والدانا، لكن من الشائع أيضًا أنه من شدة رُعبنا من تكرارها نتطرّف لنمنَعها. غالبًا يخاف أطفال الأبوين النرجسيين من أن يكونا نرجسيين أيضًا، فيَتطرفان ويرفضان منح أنفسهم أي شكل من أشكال المديح أو التقدير أو التهاني.

٢. نظرية التحفيز بذم الذات: يتعلم الكثير من الأطفال من صغرهم أن أفضل الطرق للتَحفيز هي أن تكون “صارمًا” مع نفسك، فينّتقدون أنفسهم بقسوةٍ. وعادةً ما يخافون من أنه لولا النقد المستمر للذات، لأصبحوا “كسالى وضعفاء” ولن يستطيعوا إنجاز أي شيء.

٣. الرضوخ الملقن: ينشأ الكثير من الأطفال بين يدي بالغيّن غير ناضجيّن عاطفيًا، فهما لا يملكان وسائلًا سليمةً ليرضوا عن ذاتهم، ونتيجة لذلك فهما يثنيان ويكافِئان أطفالهم بالاهتمام كلما أراد الأطفال منهما الطمأنينة. وعندما يفرط الأبوان في الاهتمام، تَنشأ عقدة المنقذ عند الأبوين والاعتماد الضار عند أطفالهما، لأن الأطفال تعلموا أن الراحة العاجلة من القلق تأتي بعد التماس الطمأنينة من والديهما، فلا يتسنى لهم تعلم التعامل مع قلقهم واتخاذ قراراتهم أمام الشك.

وقبل أن ننتقل إلى النظر في الأنواع المختلفة للشك في النفس، من المهم توضيح السؤال التالي:

ما هو الفرق بين الشك في النفس الحسن والمذموم؟

 من الواضح أن قدرتنا في التشكيك بأنفسنا يمكنها أن تفيدنا، فلولاها لأصبحنا معتدين بأنفسنا وينتهي بنا الأمر متخذين كل أنواع القرارات الخاطئة والاختيارات الضارة.

في حين أنه لا وجود لفرق واضح بين الشك في النفس الحسن والمذموم، فهاك بعض المبادئ العامة لتضعها في الاعتبار:

إذا كان الشك في النفس أول ردة فعل لك، فهو على الأرجح مذموم.

إذا ظهر الشك في النفس في كثيرٍ من نواحي حياتك، فهو على الأرجح مذموم.

إذا كان الشك في النفس مستمرًا أو “صعب” وتكافح في التعامل معه أو تجاهله، فهو على الأرجح مذموم.

إذا كنت كثيرًا ما تندم على القرارات التي اتخذتها بسبب الشك في النفس، فهو على الأرجح مذموم.

إذا عرقل الشك في النفس العلاقات المهمة في حياتك، فهو على الأرجح مذموم.

إذا كان للشّك في النفس تأثير كبير على قدرتك على التركيز والعمل على أكمل وجه، فهو على الأرجح مذموم.

باختصار، استخدم فطرتك السليمة لتقيّم هل الشك في النفس عادة حسنة أم مذموم. وحين تتردد فيمكنك دائمًا افتراض أن فيها بعض من الضرر. حاول تحسينها ولاحظ النتيجة، إذا تحسنت حياتك، فهذا يعني أنها مذمومة وأن الفائدة ستزيد مع تحسينها.

ما هي الأنواع المختلفة للشك في النفس؟

من خبرتي في عملي معالجًا نفسيًا، يميل الشك في النفس إلى أخذ ثلاث أشكال رئيسية.

متلازمة المحتال

متلازمة المحتال أو الدجال هي الخوف الداخلي من زيفك أو عدم استحقاقك لإنّجازاتك.

فمثلًا، بغض النظر عن مدى صعودك لِلسلم الوظيفي في الشركة، تشعر دائمًا بقلة كفاءتك مقارنةً بزملائك وأن الإهانة والفضيحة على بعد خطأ واحد فقط. وتعد متلازمة الدجال شكل من أشكال الشك في النفس لأنها تنشأ عن عادة التشكيك في إنجازاتك وقدراتك، وإذا كنت تشكك في نفسك باستمرار، فلماذا تعتقد أنك تستحق إنجازاتك؟

تدمير الذات

تدمير الذات في أبسط أشكاله يعني الميل إلى تقويض أهدافك وقيمك. فمثلًا، بعد نجاحك في الالتزام بنظامك الغذائي الجديد لمدة شهرين، تفرط في أكل الوجبات السريعة لثلاثة ليالٍ متتالية.

عندما تعتاد على تدمير ذاتك بنفسك، فأنت تجعل من نفسك فريسةً سهلةً للنقد والشك الذاتي.

التردد

التردد هو أن تعاني باستمرار لاتخاذ القرارات، حتى الصغيرة منها، بسبب خوفك من اتخاذ القرارات الخاطئة ومن عواقبها.

عندما تختار مطعمًا للعشاء، ثم تشكك في القرار وتقلق من العواقب السلبية المحتملة، فأنت تحدث انفجارًا من القلق. ثم لتخفيف هذا القلق سريعًا، عليك توكيل القرار إلى شخص آخر مما يُعفيك من تحمل مسؤولية النتيجة ويقلل من قلقك. لسوء الحظ، التردد على المدى البعيد يؤدي إلى تآكل تقديرك لذاتك وثقتك بنفسك ويقوي عادة الشك في النفس.

علامات تدل على أنك تعاني من الشك في النفس

فيما يلي بعض العلامات الشائعة التي تدل على أن الشك في النفس مشكلةٌ في حياتك:

صعوبة تقبل الثناء: إذا كنت تشعر بالقلق أو الخجل باستمرار بعد ثناء أحدهم عليك، فقد تكون هذه علامةٌ على قلة تقديرك لنفسك نتيجة للشك في النفس المزمن. بالتأكيد أحيانًا قد يكون الثناء غير مريح للجميع، ولكن إذا كنت دائمًا ما تكافح لتَتقبل الثناء وتتجنب المواقف التي قد يثنى عليك فيها، فقد تكون هذه علامةٌ على وجود مشكلة في الشك في النفس.

التماس الطمأنينة: إن العادة المعتادة لالتماس الطمأنينة حين الانزعاج أو مواجهة صعوبة في اتخاذ القرارات علامةً على وجود مشكلات في الشك في النفس. فعندما تشككُ في قدراتك، طبيعيًا ينتج القلق، وغالبًا أسرع طريقة لتخفيف هذا القلق هي سؤال الآخرين لاتخاذ قرار أو طَمأنتك. والمشكلة هنا أن هذه العادة تلقن عقلك أن حكمك ليس جديرًا بالثقة، ولن تجني منها إلا تفاقم عادة الشك في النفس على المدى البعيد.

ضعف الثقة في النفس: يمكن أن ينشأ ضعف الثقة في النفس بسبب الكثير من العادات، ولكن أكثرها شيوعًا هو الشك في النفس. فعندما تشكك وتتردد باستمرار في قراراتك واختياراتك، فإن الشك والنقد المستمرين سيبدأن في التأثير عليك عاطفيًا، ومع الوقت، سيبدأن في التأثير على هويتك وشعورك بذاتك كليًا.

صعوبة نسبة الفضل للنفس: على غرار صعوبة تقبل الثناء، إذا كنت تعاني باستمرار في نسبة الفضل لنفسك على حسن صنعك أو لمجرد قيامك بشيء لطيف، فقد يكون هذا علامة على صراعك مع الشك في النفس. عندما تخرج عادة الشك في النفس عن السيطرة، فإنها تميل إلى (إخراج) أي ردة فعل أخرى، فيصبح التشكيك ببساطة طريقتك التلقائية في تفسير أي شيء تفعله أو تحققه.

الشعور بأنك لست كفؤً: قد يبدوا هذا أمرًا جليًا، ولكن إذا كنت دائمًا ما تشعر بالذنب حيال نفسك وتشكك في قدراتك وإنجازاتك، فربما يكون هناك صلة… المشكلة هي أن الشك في النفس -مثل الكثير من العادات -يمكن أن يصبح تلقائيًا ومتأصلًا في ذاتك فيصبح غير ملاحظ تقريبًا، وإذا أصبح مثل الماء الذي تسبح فيه، فمن الصعب تخيل طريقة لتشعر بها بالرضا عن نفسك.

عشرة طرق لِتَتحرر من الشك في النفس للأبد

هناك العديد من العوامل التي تسبب عادة الشك في النفس وتزيد من حدتها كما أن هناك عدد ليس بقليل من الاستراتيجيات التي قد تكون فعالة في التخلص منها.

بيت القصيد هنا أنه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، فلا توجد استراتيجية واحدة فعالة للجميع، مما يعني أن التجربة والخطأ أساسية للعثور على نهج يناسبك.

وأنصح بالقراءة السريعة لها جميعًا، وتحديد واحدة أو اثنتين ترى أنهما أكثر فائدة من غيرهما، وتجربَتهما لمدة أسبوعين. بعد ذلك، لا تتردد في إضافة أو طرح الاستراتيجيات بناءً على تقدمك.

بمجرد عثورك على طريقتين مناسبتين، التزم بدمجهِما قليلًا في حياتك اليومية.

١. تقبل الشك في النفس

يبدو من غير المنطقي أن تكون الاستراتيجية الأولى لتحرير نفسك من الشك في النفس هي تقبله، أليس كذلك؟ حسنًا، فلتصبر هناك سبب وجيه:

إن ما نقاومه يستمر.

إنه أكثر من مجرد شعار جذاب، إنها سمة أساسية للعقل فإذا تعاملت مع شيء ما على أنه تهديد، سيتعلم عقلك التفكير فيه على أنه تهديد. مما يعني … أنه سيبحث عنه باستمرار (وهو أمر مجهد) وسَيفرز الكثير من الأدرينالين الذي يحفز استجابة الكرّ أو الفرّ في كل مرة تواجهه. لذلك، إذا كنت معتادًا على محاولة الهروب من الشك في النفس فورًا (مثلًا، عن طريق تشتيت انتباهك عنه) أو محاولة التخلص منه (بمجادلة نفسك عن سخافة شعورك)، فإن النتيجة الوحيدة هي أن الشك في النفس سيعود مرة أخرى وسيكون أقوى من ذي قبل.

والترياق هو الاعتراف بالشك في النفس باختصار، وتأكيد فكرة أنه بالرغم من أنك لا تُحبذه، إلا أنك لا تخشاه. تحدث حرفيًا مع الشك في النفس وقل ما يلي:

مرحبًا أيها الشك في النفس، أنا لا أُحبذك ولكنِّي أفهم أنك تحاول المساعدة فقط. يمكنك التسكع معي ولكنِّي سأعود إلى [الشيء الذي تود فعله].

بعبارة أخرى، تقول الشك في النفس ثم ركز طاقتك وانتباهك على المضي قدمًا. افعل ما سبق باستمرار وسَتدرب عقلك ببطء على ألا يظهر ردة فعل تجاه الشك في النفس، وهذا سيسهل تخطيه.

٢. كن مرتابًا من أفكارك

إن الشك في النفس ليس سمةً شخصيةً، إنه مجرد عادةٍ عقليةٍ.

تلقي عقولنا الأفكار علينا طوال اليوم، بعضها مفيد مثل «تذكر أن تحضر الحليب في طريقك إلى المنزل». بعضها غير مفيد مثل «لماذا دائمًا أفشل!»

من الضروري ألا تبالغ في الشك في النفس، فهو مجرد نمط تفكيرٍ عززته عن غير قصدٍ وجعلته عادة، ولكن في نهاية المطاف يبقى محض عادة، ويمكن دائمًا التخلص من العادات.

لذا حاول أن تنمي ريبةً حسنةً في أفكارك، فقط لأن لديك فكرة هذا لا يجعلها حقيقة.

اِعتد على التشكيك في أفكارك -خاصةً تلك المذمومة التي  تشكك في نفسك وسوف تسلبها الكثير من سلطتها عليك.

٣. أطلق اسمًا على الناقد الداخلي (واعطه شخصية)

غالبًا ما نشعر بأن الشك في النفس ذو قوةٍ جبارةٍ لأننا نربط هويتنا به، بمعنى، أننا غالبًا ما نعتقد أن أفكارنا تعبر عن هويتنا.

لكن هذا هراء، أفكارك هي محض أشياء ينتجها عقلك، بنفس الطريقة التي تُنبت بها أصابع قدميك أظفارًا. فإذا كان لديك ظِفّرٌ ذي مظهرٍ قبيحٍ في إصبع قدم معين، فلن تفترض أنه يمثل شيئًا عن شخصك.

تذكر ما يلي:

أنت لست أفكارك.

ليتضح هذا التمييز بين هويتك وبين أفكار الشك في النفس، اطلق اسمًا على الشك  في النفس -ويفضل- أن تعطيه شخصية أيضًا.

فمثلًا، كان لدي مراجعةٌ أطلقت على شكها في نفسها اسم هارييت، نسبةً عن عمة أبيها اللئيمة التي لا تسأم النقد. وفي كل مرة يظهر لها الشك في النفس، كانت تقول لنفسها شيئًا مثل: «هاهي عمتي هارييت العجوز مرة أخرى …».

عندما تطلق اسمًا على الشك في النفس، فأنت تمنح نفسك الإذن بفصله عن هويتك.

٤. أَعد هيكلة أفكارك

هناك أسلوب فعال في العلاج السلوكي المعرفي يسمى إعادة الهيكلة المعرفية وهو يساعدك على إعادة تدريب عقلك لإنتاج أفكار أكثر واقعية وفائدة بدلاً من السلبية والعقيمة.

وهو مكمِّلٌ للفقرتين السابقتين، فمن المهم الاعتراف بأن أفكارك منفصلة عن هويتك وأن ألا تفترض أن هذه الأفكار صحيحة أو ذات مغزى. حيث أن إعادة الهيكلة المعرفية تأخذ هذه الاستراتيجية إلى المستوى التالي بإضافة خطوة ثالثة وهي إمكانية (إعادة هيكلة) جزء معين من الشك في النفس ليكون أكثر واقعيةً وفائدة .

فمثلًا، افترض أنه بعد محادثة شائكه مع زوجتك، يتسلل الشك في النفس بأفكارٍ مثل ما يلي:

ما كان يجب أن أتحدث عن هذا الأمر على الإطلاق، فهو ليس بالمشكلة الكبيرة. ستَغضب مني الآن طوال اليوم.

فقد تعيد هيكلة هذه الفكرة لتصبح أقل سلبية وأكثر واقعية مثل ما يلي:

من المؤسف أنها غاضبة بعض الشيء الآن، ولكن من المهم لنا أن نقوى على الحديث في الأمور الشائكة. أنا فخور بنفسي لتصرفي الصحيح على الرغم من أن عواقبه صعبةٌ عاطفيًا في الوقت الحالي.

عندما تصبح أمثال إعادة الهيكلة المعرفية هذه عادة، يمكنك تدريب عقلك على إعادة هيكلة حديث النفس السلبي التلقائي ليصبح أكثر واقعية وفائدة.

٥. نَمِّ حسك بالهدف

قد تمقت الطبيعة الفراغ ولكن الشك في النفس يحبه.

غالبًا ما يجد من عانوا لفترة طويلة من حديث النفس السلبي -مثل الشك في النفس-أنفسهم مستغرقين في تجنب السلبيات (المشاعر السلبية والأفكار السلبية وغيرها) لدرجة أنهم لم يقضوا الكثير من الوقت في تنمية الإيجابيات. وهذا أمر مؤسف، لأن امتلاك مجموعة من القيم المصقولة وإحساس قوي بالهدف هو أحد أفضل الطرق لتتحرر من الشك في النفس.

فكر بالأمر:

هل امتلكت روزا باركس الشجاعة للدفاع عن نفسها لأنها كانت ماهرةً حقًا في نبذ الشك في النفس أم لأن لديها إحساسًا متينًا بالهدف الذي التزمت به؟

هل سدد مايكل جوردان العديد من الأهداف الفائزة في المباريات لأنه كان ماهرًا حقًا في التخلص من الشك في النفس أم لأنه كان يركز بشدة على الفوز؟

هل خاضت جان دارك المعركة وهي تبلغ الثالثة عشر من العمر لأنها كانت خبيرة في التغلب على الشك في النفس أم لأن إحساسها بالمهمة والهدف قد ساعَداها على تجاوزه؟

(تجاوز) الشك في النفس بالشعور المتين بالهدف غالبًا هو أفضل طريقة للتعامل مع الشك في النفس. في الواقع، قد يكون الشك في النفس المزمن أحد أعراض غياب الهدف المتين في حياتك.

خصص بعض الوقت للتفكير فيما يهمك حقًا. ماذا تريد؟ بماذا تؤمن؟ ماذا يوجد في قائمة أمنياتك؟

غالبًا، مجرد توضيح هذه القيم كافي لتحفيز الحس المتين بالهدف الذي بدوره سيسَاعد على إخراجك من الشك في النفس والتفكير السلبي.

٦. اِقضِ وقتًا مع من يثق بك

اشتهر جيم رون بمقولته التالية ، «أنت متوسط أكثر خمس أشخاص تقضي معظم وقتك معهم».

أعتقد أن هناك بعض الصحة لهذا الادعاء إلى حد كبير، نحن في الحقيقة مخلوقات اجتماعية مهما كنت تعتقد أنك انطوائي، فنحن جميعًا بحاجة إلى تفاعل اجتماعي إيجابي.

لسوء الحظ، فإن العديد من الأشخاص الذين يعانون من الشك في النفس يصرون بشدة على (إثبات أنفسهم) لتهدئة شكهم في النفس. ولكن قد يأتي هذا الإصرار بنتائج عكسية لأنك في النهاية محاطٌ بأشخاص لا يدعمونك أو يشجعونك كثيرًا، وهذا الأمر يجعل من الصعب أن تكون داعمًا أو مشجعًا لنفسك.

من ناحية أخرى، إذا تراجعت وسألت نفسك حقًا «مَن مِن الأشخاص في حياتي يحبني بحق ويدعمني ويثق بي؟» ثم بذلت جهدًا واعيًا لقضاء المزيد من الوقت معهم، أعتقد أنك ستجد شكك في النفس بدأ يضعف

٧. جَرِّب المعالجة النفسية أو الإرشاد النفسي

بالطبع، أنا معالج نفسي وقد أكون منحازًا، لكنني أؤمن أن العلاج النفسي الصحيح يمكن أن يغير حياتك. وخصوصًا، إذا وجدت معالجًا نفسيًا خبيرًا لمساعدتك في حل مشكلات الشك في النفس، فقد يكون معززًا فائقًا لِسرعة تقدمك في العلاج.

وطبعًا، يمكننا جميعًا العمل على أنفسنا بقراءة مادة قيمة ومحاولة ممارسة عادات وأساليب الصحة العقلية السليمة مثل تلك التي أوصي بها هنا، ولا حرج في ذلك.

لكن في بعض الأحيان ، يمكن لبعض من إرشادات ودعم الخبراء أن تُسَرِّع العملية وتسهِّلها.

فكر في الأمر بالطريقة التالية: إذا وددت أن تجري ماراثونًا، ولكنك لا تملك خبرةً في الجري، فهل يمكنك تحقيق ذلك لوحدك؟ بالتأكيد! يمكنك قراءة الكثير من الكتب، ومشاهدة مقاطع فيديو على اليُوتِيوّب، وتجربة جداول مختلفة للجري وخطط النظام الغذائي، واختبار مجموعة متنوعة من الأحذية والمعدات المختلفة ، وغيرها.

ولكن يمكنك أيضًا تعيين مدرب شخصي ليصمِّم خطة مخصصة لك، مما يحفظ لك الكثير من الوقت والجهد ويساعدك على تجنب المخاطر الشائعة.

ويمكن للعلاج النفسي الصحيح أن يفعل الشيء ذاته مع المشكلات المتعلقة بالشك في النفس.

٨. قُم بالمقارنات المفيدة

إذا كنت تعاني من الشك في النفس، فلا شك أنك سمعت نصيحة «توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين».

ولا غبار عليها فهي تبدو نصيحة قيمة نظريًا، إلا أن تطبيقها صعب. وهذا يعود جزئيًا -كما ناقشنا سابقًا-إلى أننا مخلوقات اجتماعية، ونقيّم باستمرار مكانتنا في القبيلة.

إليك بديل للنصيحة السابقة أعتقد أنه بديل عملي أكثر وقابل للتنفيذ. كن حريصًا حين اختيار من تقارن نفسك به، تحديدًا حاول مقارنة نفسك مع نسختها الماضية بدلاً من الآخرين.

فمثلًا، لنفترض أنه كان عليك تقديم عرض في اجتماع للعمل ولم تحسن التقديم، وبالطبع سيبدأ الشك في النفس بأنواعه في التسلل إلى عقلك فتجد نفسك تقارن أداءك اليوم بأداء زميلتك جانيت الرائع بالأمس.

فبدلاً من ذلك، حاول تحويلها إلى مقارنة أداءك اليوم بأدائك عندما كنت جديدًا على عملك. بالتأكيد، ستُحرج قليلاً عندما تفكر في الجهل الذي كنت فيه ذلك الوقت. لكنك ستجبر نفسك أيضًا على الإقرار بمدى التقدم الذي أحرزته – وتلك مقارنة أكثر فائدة من سابقتها.

٩. التعاطف مع الذات

هناك تفسير بسيط للشك في النفس لا يتطرق له الكثير، وهو أننا في بعض الأحيان نلجأ إلى الشك في النفس لأننا ببساطة لا نملك بديلًا أفضل.

عندما يكون الشك في النفس أول ردة فعل تلقائية، وعندما لا تملك فكرة واضحة عما تصنع عند الفشل أو المواقف العصيبة، بالطبع سَيصعب عليك التوقف عن الشك في النفس!

من ناحية أخرى، يسهل كل شيء عندما يكون لدينا قدوة إيجابية حسنة، مثل ما يلي:

من السهل تعلم عزف آلة موسيقية جديدة، عندما يكون لديك شقيق كبير يمكنك مشاهدته والتعلم منه.

من السهل تعلم الطريقة الصحيحة لرفع الأثقال إذا كان لديك مدرب شخصي يمكنه أن يشرح الطريقة المناسب لك.

ومن السهل تجنب الشك في النفس عندما يكون لديك بديل محدد متوفر…

وأحد بدائل الشك في النفس المفيدة هو التعاطف مع الذات.

التعاطف مع الذات هو فكرة بسيطة مفادها أنه بعد الخطأ أو الانتكاسة، بدلاً من لوم نفسك أو التشكيك فيها، يمكنك معاملتها مثل صديق مخلص وكن متفهمًا لها.

إليك طريقة بسيطة للبدء، في المرة القادمة التي تعاني فيها أو ترتكب خطأ، اسأل نفسك السؤال التالي:

إذا كان صديقٌ مخلصٌ في ذات الموقف، والتمس العون، فماذا سأقول له؟

وقل الجواب ذاته لنفسك.

أنت تستحق كل ذرة من التعاطف مثل الآخرين.

١٠. اَبقِ مفكرة امتنان يومية

بصفتي معالجًا نفسيًا، لطالما سمعت ما يلي في عيادتي:

أنا أقسى منتقد لذاتي، كل ما أفعله هو التشكيك في نفسي وإِحباطها. لماذا لا أستطيع أن أكون لطيفًا مع نفسي أو حتى أن أفخر بها؟

وعادةً ما تكون إجابتي كما يلي:

يالها من فكرة عظيمة! كم مرة تتدرب على أن تكون لطيفًا مع نفسك وأن تعترف بإيجابياتك ونجاحاتك؟

وعادةً ما يعم الصمت المكان بعد سؤالي…

لسبب ما لا يخطر ببال الكثير أن لطفك مع نفسك واحتفالك بإنجازاتها مهارةٌ يمكن بناؤها. ولكن -مثل أغلب المهارات-لا يحدث هذا بمحض معجزة، عليك أن تتدرب فعلًا.

وممارسة عادة امتنان الذات ستساعدك على تجنب الشك في النفس تحسن احترامك لذاتك فعليًا، لذلك ابقِ مفكرة يومية لامتنان الذات.

ربما قد سمعت عن مفكرة أو مدونة الامتنان، حيث عليك أن تقضي بضع دقائق في نهاية كل يوم لِتدوين شيء أو شيئين تشعر بالامتنان تجاهها عن نفسك.

الأمر بسيط، في نهاية اليوم اِفتح تطبيق الملاحظات على هاتفك وأنشئ ملاحظة جديدة سمها امتنان الذات. ودوِّن التاريخ في الأعلى ثم اذكر شيئًا أو شيئين تفتخر بنفسك بسببهما. ليس عليها أن تكون أشياء كبيرة، فقد تكون فخوراً بنفسك لأنك تذكرت إخراج القمامة.

ختامًا

في نهاية المطاف، الشك في النفس هو عادة -لا أكثر ولا أقل-.

وبغض النظر عن مصدرها، يمكنك التحرر من الشك في النفس المزمن ببناء عادات أفضل.

إذا قرأت هذا الدليل ورأيته منطقيًا، فاِختر واحدة أو اثنتين من الاستراتيجيات المذكورة أعلاه وجربها لمدة أسبوع أو أسبوعين. أعتقد أنك ستجد أنه على الرغم من صعوبتها، إلا أن تقليل الشك في النفس وبناء الثقة بالنفس ممكنة في الواقع عكس ما تعتقد.

____________________________

المصدر: علمنا

http://www.ollemna.com/self-doubt/

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم