السبت 18 مايو 2024 / 10-ذو القعدة-1445

عثرات مراهق .




http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSgoDXm2MUHo4NCAlSZxuR2nQHdIMlNpby0qJorRXEQqGA3wg4wEA أ. معتز مصطفى شاهين .

المراهق يعيش بشخصيتين في جسد واحد ، شخصية الفرد البالغ الناضج الذي يرى أنه قد وصل إليها ويجب أن يُعامل على أساسها ؛ وشخصية الطفل الذي مازال لا يستطيع أن يعتمد اعتمادًا كليًا على نفسه نتيجة لظروف الواقع والحياة ، وبين تلكما الشخصيتان تتأرجح مشاعر وانفعالات المراهق ، فلا هو يرضى بالعيش في كنف والديه ويرضخ لطلباتهما ، ولا يستطيع أن ينفصل عنهما اجتماعيًا وانفعاليًا أو ماديًا.

وينتج عن التضارب بين الشخصيتان ذلك الصراع الذي يتأجج في نفس المراهق وتنتج عنه ما يمكن أن نسميه ( أزمة ) ، ولا يجد المراهق وسط تلك الأزمة من يمد له يد العون ، وسط أهل مشغولون كل بنفسه ، ومجتمع مازال يعامله كطفل – وهو بالطبع لن يقبل هذا – ، لذا فهو ينفر من الأسرة والمجتمع ويلجأ لجماعة الرفاق أو القرناء الذي يجد معهم التقدير الذي يفتقده بالبيت والشارع.

وأنت – أيها المربي – هنا قد بنيت أمال كبيرة على ذلك ” الرجل الصغير ” ، فوقع منه النكوص عن تلك الرجولة بأفعال صبيانية وعدم تحمل للمسئولية ورجوع عن الوعود التي قطعها لك ، ونسيت أنه مازال يحتاج إلى تمرين وتدريب حتى يستطيع تحمل مشقات الحياة والاعتماد على نفسه.


لذا يجب عليك أن تراعي أنه يحتاج إلى بعض المعاني في تعاملك معه مثل: 

الحاجة إلى الأمان :

فهو يحتاج إلى أن تشعره بالأمان فلا تسفه له قولاً ولا فعلاً حتى ولو كان خطأ ، وذلك حتى لا يحجم عن فتح قلبه لك وجعلك كاتم أسراره ، ويلجأ إلى القرناء الذين يكونون – في غالب الأحيان – في مثل عمره وليس عندهم الخبرة الكافية ، مما يؤدي للمشاكل المعهودة في مثل تلك المرحلة من ( سرقة ، شرب دخان أو مخدرات ، علاقات مع الجنس الأخر … وغيرها ).
 

الحاجة إلى التقدير :

فالمراهق يعاني من ضعف في ثقته بنفسه ؛ نتيجة للمشاعر المتضاربة التي تجتاحه ، لذا الشخص الذي سيعطيه ذلك التقدير والثقة فيه ؛ سيملك مفتاح قلبه ، لأنه سيشعره بأهميته وبقدره في ذلك المجتمع ، لذا حاول – أيها المربي – تشجيعه والثناء على مواقفه الإيجابية وتجنب الخوض – مؤقتا – في تصرفاته السلبية .

الحاجة إلى الحرية :

فالمراهق حاله كحال كل البشر إذا توافر له مناخ مناسب من الحرية ؛ تكون هذه الحرية عامل محفز ودافع إيجابي يدفعه لتحمل مسؤولية أفعاله ونضوجه ، لذا تجنب التوجيه المباشر له فهذا لن يجدي نفعًا معه.

الحاجة إلى الاستشارة :

إن المراهق يكون في حالته تلك كالغريق لا يجد من ينقذه ، فهو يريد الاستقلال والاعتماد على نفسه في كل شؤون حياته ، ولكنه لا يملك ذلك الرصيد من الخبرات والتجارب الذي يساعده ويؤهله لذلك ، وحينما تُحقق له الحاجات التي ذكرتها من قبل ، ستجده قد اتجه إليك ليطلب منك رأيك ومشورتك في حل المشكلات التي ستقابله في تلك المرحلة دون أي توجيه منك.

الحاجة إلى الضبط :

والضبط هنا لن يكون بشكل مباشر لأنه لن يقبل هذا ، فحاول أن يكون ذلك التوجيه والضبط عن طريق مجموعة الرفاق لأنهم الأكثر تأثيرا فيه منك . وبالنسبة لموضوع الجانب المالي للمراهق ؛ يجب العناية به ، وحاول التوسط فيها ، فلا تضيق عليه فينحرف ليحصل على المال أو يشعر بالدونية بين أقرانه ، ولا تسرف في إعطائه فينحرف أيضا.

وهذا سيقودنا إلى نقطة مهمة جدا ماذا أفعل إذا وجدت رفقاء أبني أو أخي المراهق رفاق سوء ؟!

أولا : لا تحاول أن تأمر المراهق بتجنب أو ترك أولئك الرفاق ( فجأة ) ؛ فهو لن يستجيب ، ولكن ينبغي تغيير الرفاق من حوله بالتدريج ، ولا تستعجل وخذ الوقت الكافي لهذا .

ثانيا : حاول أن تقلل الفرص التي يلتقي بها بهؤلاء الرفاق ، واشغله بأمور ونشاطات أخرى معك تشعره فيها بأهميته وأهمية رأيه ، واستهجن تصرفاتهم وحدد أخطاءهم بشكل واضح ومحدد أمامه – ولكن دون استخفاف بهم فهو مازال متأثرا بهم ويرى أنهم أوفى الناس له – .

ثالثا : حاول أن توفر البدائل الصحية للمراهق من رفقاء صالحين مشابهين له في الميول والاهتمامات والسن ، وشجهم على التقابل والتعارف من خلال رحلات مشتركة وزيارات .

رابعا : شجع المراهق على نقد السلوك السيئ ، واجعله يحتكم إلى عقله ولا يخضع لمعايير الجماعة التي ينتمي إليها بدون تمييز أو نقد ( اجعل له شخصية ) .

وأخيرًا أعلم أخي المربي أن الدعاء سلاح المؤمن ، ولن يرد هذا البلاء عنا وعن أبنائنا وإخواننا إلا الله – عز وجل – ، فأكثر من الدعاء بالصلاح والتقى لأبناء المسلمين جميعًا .. اللهم آمين .
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم