الثلاثاء 14 مايو 2024 / 06-ذو القعدة-1445

صور في اذهان الأطفال.



صور في اذهان الأطفال.
 http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRlJetvhHAE8Vl_865aSsiNoswSRSqfC0Yo2enqf4ZXjZjLMHgv
د. ميساء عبدالله قرعان .
لست أدري إن كان فضولا علميا ذاك الذي يغريني بالتعرف على صورة الله في ذهن الأطفال تحديدا، لكنني أعي تماما طفولة فكرة”الرب” أو ماذا كان يعني لنا ونحن أطفال، وقد تكون التجربة الواقعية هي دافع الفضول المعرفي،
أذكر بأنهم وبحسن نية كانوا يقنعوننا بأن “الله” يضعنا في النار، وإذا ما رتكب أحدنا خطيئة الكذب لا ينام ليله لأن يدا خفية قد توقظه لتلقي به في النار، كانوا وبحسن نية أيضا يطلبون منا الصدق ثم يعلموننا الكذب لأن الخطأ لا يغتفر والخوف من العقاب يجعلنا نكذب ونكذب ونكذب ونمارس ما نحب من الممنوعات في الخفاء…أما التزام الصدق فيتبعه أو يسبقه مصادرات لحق الطفولة وعبثيتها
لكننا كبرنا – ولست أتحدث عن تجربة شخصية بقدر ما هي تجربة تخص البنية الاجتماعية الثقافية بعموم-، كبرنا ولم نزل نعتقد أن المحرم ما هو معروف، وإن لم يعرف فحرمته وعقابه تزولان لأن العقاب في الطفولة كان مرتبطا بالمخالفة التي يتم اكتشافها،والالتزام يكون خوفا من العقاب، سواء عقاب الأسرة أو عقاب الله .
كانو يقولون لنا أحبوا الله وإذا ما سؤلنا نقول: نعم نحب الله ونقدم حبه على حب الوالدين، لكنه لم يكن حبا، فالحب والخوف لا يجتمعان، هو كان حبا خوفا من العقاب،خوفا من النار،ومن الأحاديث التي كنا نستمعها حول عذاب القبر وضيق القبر وأسئلة القبر، لم يزرعوا بنا بأن الله محبة، الله عطاء، الله رحمه، الله غفور،
تخيلوا معي لو أن الوالدين كانوا يتراجعو عن العقاب موهمين الطفل بأن الله طلب منهم ذلك لأنه يغفر الخطأ إذا لم يتكرر، ولنتخيل شكل العلاقة مع الخالق سواء للطفل أو لمن يبلغ رشد المعرفة، وازع الالتزام سيكون داخليا وعن قناعة وعن محبة للخالق الذي ينزل رحمته قبل عقابه.
هذا الفضول لاكتشاف صورة الله الذهنية في مخيلتنا لم يزل يلازمني ولم تزل الفئة التي أهتم باكتشاف ما يدور في ذهنيتها هم الأطفال، تسأل أحدهم عن”الله” فيقول:”اللي بيحطنا بالنار”،وإذا ما دفعني الفضول للسؤال عن الهيئة التي يرونه بها فإن إجاباتهم تكاد تكون متشابهة، هو في ذهنيتهم صورة من صور الأب أو الجد، لكنه يجلس على كرسي كبير في السماء ويدخن،ويضع من يكذب أو يسرق في النار.
قد يبدو فيما تقدم جرأة في الطرح لكنه ليس ترفا علميا هذا الذي أشير إليه،بل لفتة كي نعمل على تغيير الصورة بما يعود بالنفع السلوكي والمعرفي على الجيل القادم وبما يرضي الله”الرحمن الرحيم”
إسأل عن المخلوق ولا تسأل عن الخالق: عبارة تعلمناها والتزمنا بها، لكن الأطفال يسألون ويتخيلون شئنا أم أبينا فهل نلزمهم بالسكوت وعدم السؤال لأن من يسأل يلقى به في النار أيضا؟
وهل نمارس معهم ما مورس معنا من تنشئة دينية خاطئة فيما يخص العلاقة مع الخالق؟
أم نحاول أن نرسم في أذهانهم صورة جميلة للخالق، صورة تتلخص بأن الله محبة وليس أداة عقاب، وأن الله يغفر وأن الله يحب الأطفال وليس الجلاد المستقر في أذهاننا،هم أي الأطفال وفي الصفوف الابتدائية الأولى يتلقون تعليما مشوها حول العقاب والنار وهذا خطأ تربوي تعليمي ينبغي أن يعمل على تصويبه.
ولمن لديه طفل في الصف الأول أو الثاني الابتدائي لا بد له تجربة تتلخص باصفرار وجه الطفل في يوم حصة التربية الاسلامية الخاصة مع ارتفاع بدرجات الحرارة ليلا، غير أن معظمنا قد لا يدركون السبب ويعتقدونه مرضا عضويا،وهي تجربة مررت بها مع أبنائي وقد سألتني طفلتي ذات صحوة فزع وكانت قد تلقنت أول دروسها في التربية الإسلامية التي حاولت نهارا تصويب بعض مضامينها بما يناسب عمرها: الأم التي يكون معها طفلها وتمشي على الصراط المستقيم أين تذهب بالطفل إذا ذهبت للنار؟
وأقول لطفلتي ولنقل لكل الأطفال “الله رحمة” أما الخشية منه فلنعمل على تأجيلها وإلى حين استقرار وتغلغل حالة الحب الإلهي .. فهل نعمل؟
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم