الأحد 19 مايو 2024 / 11-ذو القعدة-1445

شكر الله على نعمه



عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي

نِعَمُ الله عز وجل لا تُعَدُّ ولا تُحْصى ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، ومن أعظم النِّعَم وأجلِّها:

1- نعمة الإسلام: قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

2- نعمة العقيدة الصافية؛ (عقيدة أهل السنة والجماعة).

3- نعمة الصحة: ولكي تعرف قَدْر هذه النعمة، انظُر إلى أحوال الناس الذين فقدوا هذه النعمة، فمن الناس: من هو أعمى، وهذا أعرج، وهذا أصمُّ، وهذا أبْكَم، وهذا مُعاقٌ عن الحركة، وهذا عنده غسيل للكُلى، وهذا ضِيق في التنفُّس، والآخر عنده مرض السكر… إلخ.

عافانا الله وإيَّاكم، وشفى جميع مرضى المسلمين.

4- نعمة العقل: ميَّزَ الله عز وجل الإنسان من بين سائر المخلوقات بهذا العقل؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

قال الشيخ السعدي رحمه الله: “وهذا من كرمه عليهم وإحسانه، الذي لا يقدَّر قدره؛ حيث كرَّم بني آدم بجميع وجوه الإكرام؛ فكرَّمَهم بالعقل، وإرسال الرُّسُل، وإنزال الكُتُب، وجعل منهم الأولياء والأصفياء، وأنعم عليهم بالنِّعَم الظاهرة والباطنة”؛ ا هـ.

هل من يُذهِب عقله بتناول المسكرات والمخدِّرات وغيرها يُعتبَر شاكرًا لنعمة العقل؟! نسأل الله السلامة والعافية.

5- نعمة الأمن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم آمنًا في سِـرْبه، مُعافًى في جسده، عندهُ قُوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذافيرها))[1]، بحذافيرها؛ أي: كأنما أُعطي الدنيا بأسـرها.

6- الانصـراف عن الشواغل: عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ))[2].

الفراغ يُعتبر نعمة إذا استُغِلَّ استغلالًا يعود على صاحبه بالنَّفْع؛ كأن تَصِل رَحِمك، أو تساعد أهلك في المنزل كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، أو زيارة لمريض، أو قراءة كتاب نافع، أو اتِّباع جنازة أو التقرُّب إلى الله عز وجل بفعل النوافل والأعمال الصالحة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم… إلخ، من العبادات القولية والفعلية، لعلها ترفع درجتك ومنزلتك عند الله عز وجل، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴾ [الشعراء: 88].

7- نعمة وجود المسجد الحرام، والمسجد النبوي في هذه البلاد:

متى أراد الشخص منا الذهاب لأداء مناسك الحج أو العمرة، فإنه يذهب بكل يُسْـرٍ وسهولةٍ، والحمد لله على ذلك، وغيرنا يجد مشقَّهً في ذلك، إما في جَمْع المال، أو بُعْد المسافة وعناء الطريق.

8- نعمة المأكل والمشـرب والملبس: قل شكر الله تعالى، ولتتأمل في حال كثير من أبناء المسلمين الذين يفترشون الأرض، ويلتحفون بالسماء، ولنقف معهم ونساعدهم حتى تستديم هذه النِّعَم، ولنحذر من الإسراف؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].

بعضٌ من الناس عندما يقوم بوليمة تجدهُ يُسـرِف في كثرة أصناف المأكولات، ليست هذه المشكلة؛ بل في النهاية توضع مع النفايات؛ لماذا لا توزع على الجيران أو غيرهم من الفقراء؟! وإذا لم يوجد مَنْ يحتاج إلى تلك النِّعَم يتَّصِل على مَنْ يستقبلون فائض الطعام، أو وَضْعها في موضع يليق بها.

وأيضًا الملابس والأجهزة الكهربائية التي يُستغنى عنها، تُصـرَف لمستحقِّيها، ففي هذه الحالة نكون قد أدَّيْنا شُكْر النِّعْمة.

9- نعمة توفر وسائل الاتصال والمواصلات وتيسير السُّبُل.

10- نعمة وجود حلقات تعليم القرآن الكريم والدور النسائية.

قال الناظم:

إذا كنت في نعمةٍ فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم

الفرق بين الحمد والشكر:

الحمد يكون باللسان وبالقلب، وأما الشكر فإنه يقع بالجوارح، والنعمة مقيدة في الشكر، بوصولها إلى الشاكر بخلافها في الحمد [3]؛ ا هـ بتصـُّرف.

من أقوال السلف في الشكر:

1- قال بكر المزني رحمه الله: “يا بن آدم، إن أردت تعلُّم قدر ما أنعم الله تعالى عليك فأغمض عينيك”[4].

2- عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: “كم نعمة لله في عرق ساكن؟!”[5].

3- قال أبو حازم سلمة بن دينار رحمه الله: “كل نعمة لا تُقرِّب من الله عز وجل، فهي بلية”[6].

4- عن صالح بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قال: “كان أبي إذا أخرج الدلو ملأى، قال: الحمد لله، قلت: يا أبتِ، أي شيء الفائدة من هذا؟ قال: يا بني، أما سمعت الله عز وجل: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك: 30] [7].

5- عن أبي تميمة البصري رحمه الله: “أنه كان إذا قيل: كيف أنت؟ قال: بين نعمتين؛ ذنب مستور ولا يعلم به أحد، وثناء من هؤلاء الناس ما بلغته ولا أنا كذلك”[8].

[1] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

[2] رواه البخاري.

[3] عدة الصابرين؛ لابن القيم.

[4] الشعب (446/4).

[5] الزهد؛ لأبي داود (244).

[6] الحلية (230/3).

[7] الشعب (4164).

[8] الشعب (4197).

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم