السبت 18 مايو 2024 / 10-ذو القعدة-1445

شبابنا ضحية ثقافة مأزومة.



كثر الحديث في الأعوام الأخيرة عن انحدار مستوى ثقافة الشباب نتيجة هجرتهم الكتاب، والتحاقهم بركب الثقافة الوافدة عبر الأثير أو من خلال الشبكة العنكبوتية، تلك الثقافة التي مع كونها تقدم معلومات وفيرة في شتى المجالات فإن ما يتلقاه الشباب منها لا يتعدى “معلومة” على الطاير، لا تغني معارفهم ولا تساهم في بناء شخصيتهم.

في موازاة ذلك، بدا الكتاب يعاني سكرات الاحتضار عند شباب سيطر عليهم كيف يملأون عقولهم بالثقافة الغربية الالكترونية. فهل يقرأ الشباب واقعهم، وهل يعترفون بانحدار مستوى ثقافتهم، وأي دور يمكن أن تلعبه الثقافة في تعزيز علاقة الشباب بها؟ وهل نحن أمام أزمة ثقافة، أم أمام ثقافة مأزومة؟
الدكتور خالد فهمي رئيس دار الكتب والوثائق القومية سابقاً يؤكد أننا أمام أزمة مزدوجة، فنسبة المطالعة في الوطن العربي تقدر بـ 5 في المئة من مجمل طلاب المدارس والجامعات، وهي متدنية جداً ما يعني أن هناك خطراً كبيراً على الثقافة، وبالتالي على النضال في مواجهة تحديات العصر.

حتى الباحثين، يحاولون اكتساب معارفهم من صفحات “النت” في جميع المجالات، بلا تعب و لا نصب في الوصول إلى المعلومات المطلوبة.. هذه الثقافة الوافدة أنتجت لنا ثقافة ركيكة، في معناها ومحتواها، بمعنى أن هذا المثقف هجر متعمداً الكتب العلمية والدينية والاجتماعية، وما تحمله من معلومات مهمة عميقة ومن أسلوب بديع في طريقة طرح المعلومات، والاستفادة منها، حتى في طريقة اللغة وتحسين وظيفة اللسان في النطق بلغة واضحة فصيحة، واكتساب ألفاظ نظيفة في لغة التعامل مع الآخر.

كل ذلك لا يعطي الباحث ما نسميه بالقاعدة الأساسية التي تبنى عليها هذه الثقافة المتينة ذات الأخلاق العالية، بينما ثقافة “النت” غالبيتها متناقضة وشريرة لا تخدم ألا أصحابها، أكثر مما تخدم الإنسانية ومصلحة البشر.
ويضيف د. خالد فهمي: أما العلاقة مع الكتاب كصاحب وأنيس فهي بكل أسف متردية جداً، لتحل محله “وسائل التواصل الاجتماعي” حتى أصبح الكتاب وحيدا لا جليس له.

هذا الفراغ الذي سيطر على عقول انشغلت بالموبايل أو الألعاب الالكترونية، أو مواقع التواصل الاجتماعي يعد إفلاساً ثقافياً ناجماً عن هجرتنا للمعرفة منذ ومن.
ولفت د. فهمي إلى أن الشباب ربما يتحولون إلى أسرى ملايين الأفكار والثقافات المختلفة التي تبث من دون حواجز، ولا يملكون القدرة على مواجهتها ونبذها بسبب ضعف الحس الثقافي الناشىء من البعد عن الكتاب.
وأشار إلى أن المعرفة التي هي نبراس التغيير لا يمكن اكتسابها طالما ظلت الأرض قاحلة والأفكار هشة.

كما أن انعدام الثقافة يولد أشياء كثيرة كاستبداد الحكام وتسلطهم على شعوبهم بالباطل، والتخلف الجماعي، والتراجع الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والعسكري.
وقال د. فهمي: هذه ليست دعوة لترك الانترنت أو التخلي عنه في عصر ثورة المعلومات وانفجار المعرفة والاكتفاء بالقراءة من الكتب لكنها دعوة للرجوع إلى الأصل “الكتاب” وأن نبني ثقافتنا عليه فيكون هو الأساس للبناء المعرفي والثقافي الممتد.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم