الأربعاء 15 مايو 2024 / 07-ذو القعدة-1445

سلوك التحرش الجنسي والاغتصاب .



http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSgY4m2dct5pgUZVGZMS5dlVp-lZiyrUBQ80zck23f9ex6HbfIS
د. أيمن غريب قطب .

( رؤية نفسية / اجتماعية )

ليس هناك أدنى شك في أن المجتمعات القديمة والحديثة عرفت التحرش الجنسي والاغتصاب بأشكال ودرجات مختلفة .

فبتحليل الأخبار والتاريخ قديما مثلا يخلف لنا شواهد لا تدع مجالا للشك في أن أعمال الاغتصاب كانت منتشرة بدرجة كبيرة مع اختلاف الظروف التي تحدث فيها مقارنة بعصرنا الراهن .

فقد كانت من التقاليد الشائعة في المجتمعات القديمة اغتصاب الجيوش المنتصرة نساء المهزومين بل أن مثل هذا السلوك ظل سائدا في الحروب المعاصرة فقد حدث هذا في الحربين العالميتين الأولى والثانية بل وفي حرب فيتنام والعراق وغيرها .

وهناك في المجتمعات القديمة والحديثة أيضا من قد أباح الحرية الجنسية التامة وجعلها أمرا مشاعا بل ومباحا للجميع بما فيها الشذوذ الجنسي واللواط .

وعلى الرغم من ذلك فإن مثل هذه الأوضاع لم تمنع ولم تخفض معدلات الاغتصاب والتحرش الجنسي ومثال ذلك المجتمعات الغربية وفي مقدمتها المجتمع الأمريكي حيث تسود الحرية الجنسية.فلا عقاب على الزنا أو الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية سواء بين الذكور أو الإناث .

كما أن للبغاء سوق رائجة ومع ذلك تزداد معدلات الاغتصاب وكل أنواع التحرش الجنسي بشكل كبير . مما يدل على أن الحرية الجنسية وإباحة العلاقات الجنسية المحرمة أو بدون ضوابط ليست هي الحل للمشكلة .

وإنما الحل في أمور أخرى غير الفوضى الجنسية وما يترتب عليها بالطبع من آثار نفسية واجتماعية مثل الإجهاض والقتل والمخدرات وعوامل الاكتئاب والانتحار الناتجة عنها .

وقد أشارت الكثير من الدراسات والبحوث النفسية في هذا الصدد إلى أن العوامل المؤدية إلى انتشار هذه الفاحشة في المجتمعات هو التفكك الأسري سواء أكان سببا أو نتيجة . فقد تبين مثلا في أوربا أنه كلما ازدادت معدلات الطلاق حققت الجرائم الجنسية أكبر زيادة .

كما أن من عوامل انتشار ذلك ازدياد وسائل التصنيع وعوامل التمدن والتحضر ووسائل الاتصال الجماهيري المتزايدة والتي ساعدت على تسهيل مثل هذه الأمور وجعلها أكثر يسرا ومنها الانترنيت وسهولة النقل الجوي والفنادق الحديثة إلى غير ذلك .

وإلى جانب ذلك هناك عوامل نفسية بالإضافة إلى تلك الاجتماعية منها، ضعف الإيمان وما يترتب عليه من عدم الثقة وسوء تقدير قيمة المرأة على وجه التحديد واحترام الإنسان لآدميته والفهم الخاطئ لمفهوم الحرية خاصة المطلقة منها . وما يترتب على ذلك من فقدان أو عدم فهم الغرض من الحياة أو الشك في ذلك مما زاد في حالات العصاب والذهان والاضطرابات النفسية .

كذلك فإن لحركة تحرير المرأة المزعومة دورا في زيادة الجرائم الجنسية وهذا ما أثبتته الدراسات الحديثة حتى الغربية منها .


ومن العوامل النفسية التي تفسر سلوك الاغتصاب والتحرش الجنسي

أن معظم هذه الجرائم تقع لضحايا يكن في سن قبل البلوغ أو صغيرة (أطفالا غير بالغين ) وتكون أيضا في غالب الأحيان بغير رضاهم على هذا النوع من السلوك فيقع ذلك بالقوة وهناك من قد يغري الآخرين بارتكاب ذلك مع بعض الفتيات ،

مثل نزوعهن نحو التظاهر بأنهن أكبر سنا وتقليد نجمات السينما والغناء خاصة في السينما الغربية والراقصات أيضا والتبرج ومجاراة الموضة أو الصرعات الخليعة والاختلاط الفاسد بين الشباب . وفي بعض الجرائم نجد أن الضحية كانت هي التي أوقعت الجاني في شراكها .

وفي بعض الحالات كانت المرأة تبدي بعض المقاومة البسيطة للغاية مما أوحى للجاني بأنها راضية بما يفعله أو تظهر سلوكا استهتاريا أو أثارت الرجل أو أغوته أو كانت على علاقة به وخلت به في خلوة غير شرعية. ومنها أنها قد تكون على علاقة به ولما هجرها اتهمته باغتصابها كي تنكل به .

وقد تبين في بعض الدراسات أن بعضا من المتهمين بالاغتصاب والتحرش الجنسي مصابين باضطرابات نفسية أو عقلية أو من صغار السن أو ضعاف العقول أو الذين يعانون من الحرمان الجنسي والعاطفي الشديد .

هذا بالإضافة إلى الضغوط الاجتماعية والكبت النفسي والجنسي الشديدين اللذين يتعرض لهما كلا الجنسين مع عوامل الإثارة الحديثة .

وقد ثبت من الدراسات أن كثيرا من حالات الاغتصاب التي تقع غير معلنة خاصة في المجتمعات العربية ولا يتم التبليغ عنها وذلك خوفا من العار أو من التشهير وعدم القدرة على إثبات الحالة أو التعرف على الجاني أو من عواقب ذلك كله.

كما أن الكثير من الفتيات والنساء يرغبن في أن يجنبن أنفسهن الحرج الناتج عن ذلك ومن نظرة الناس التي تنطوي على الإهانة والاحتقار إلى شخصهن . وهي في كثير من الأحيان تلقي اللوم على الضحية وكأن لها الدور الأكبر في حدوث ذلك ومثال ذلك حادثة فتاة ميدان العتبة الشهيرة في مدينة القاهرة .وقد يؤدي ذلك بالفتيات إلى شعورهن بأنهن اللاتي أجرمن وليس من قام باغتصابهن .

ناهيك عن سوء المعاملة التي يلقينها من رجال الشرطة وأجهزة العدالة . بل أن البعض يتلذذ بالنظر إليهن نظرات مريبة زد على ذلك الارتياب في سلوكهن وكثرة الأسئلة المحرجة إلى غير ذلك . ويعتبر بعض القضاة وأصحاب الرأي أن الضحية هي السبب في وقوع هذه الجريمة .!!! وقد تكون الضحية متزوجة وتقدر زوجها ولا ترغب في المزيد من سوء العواقب لها وله .

وهناك سلوك سائد لدى البعض في المجتمعات الفقيرة أو المنحطة أخلاقيا بالسماح بهذا السلوك . أو أنه بكل بساطة يحدث نوع من التجاهل أو الاعتراف أو القبول النسبي بهذا السلوك . بالإضافة إلى ضيق الأماكن وعدم الحرية والإطلاع الشديد على خصوصيات العلاقات بين الرجال والنساء مما يساعد على انتشار الفاحشة وشيوعها والتشجيع عليها في أحيان كثيرة !!! .

وقد يكون هناك اعتقاد لدى بعض الشباب في هذه المجتمعات بأنه ليس هناك خطأ في استدراج أي فتاة أو الحصول على المتعة معها بأية طريقة وأينما كان .

ويبدو أن هناك دورا لأفلام الفيديو العربية والأفلام الجنسية الأجنبية في استثارة الشباب وتشجيع مثل هذه الممارسات ومثل هذا السلوك . وقد تحفز عليه وتدعو إليه من خلال بعض مقدماته مثل المخدرات والسكر والعربدة وغير ذلك . ومن خلال سيادة منطق اللذة والمتعة بأي ثمن وكأنها هي الهدف من الحياة .

أو من خلال عدم وجود هدف للحياة نفسها لديهم. كما تبين بعض الدراسات خطورة وانتشار ظاهرة قيام هذه العلاقات الجنسية مع بعض القاصرات اللائي قد تبدين رضاء أو ترحيبا بذلك عن جهل أو سوء استغلال لهن.

وتبدو هنا ظاهرة زنا المحارم اعتداءا على محارم الشخص واستغلالا للنفوذ أو السلطة أو لصغر أعمار الضحايا وضعفهن وضعف أو غياب الوازع الديني أو الأخلاقي واستشراء الفساد وضعف العقوبات مع عدم الإبلاغ عن كثير من هذه الجرائم أصلا للأسباب المذكورة سلفا . وخاصة أن الفتاة قد تشارك في هذه العلاقة برضاها في بعض الأحيان .

وقد تبين من بعض هذه الدراسات أن مثل هذه الظاهرة وهي زنا المحارم لا تكتشف إلا بعد أن تحمل الفتاة أو تظهر عليها علامات الحمل وكثير من الحالات خاصة في الغرب أنجبت الفتاة من والدها ليصبح الوالد أبا للبنت ولمن أنجبته معا !!!

وقد تبين من الدراسات أن غالبية المغتصبين من الفئات المتدنية اقتصاديا واجتماعيا ومهنيا وأن معظم المغتصبات من الشابات أو متوسطات العمر وعلى درجة من الجمال .

كما أثبتت أن للاغتصاب والتحرش الجنسي آثارا نفسية سلبية واجتماعية على المغتصبة ويترك آثارا جسدية سيئة عليها وقد تمتد إلى إنجاب السفاح واختلاط الأنساب وإلى مشكلات أسرية واجتماعية متعددة .

ناهيك عن الأمراض الجنسية والتناسلية والآثار النفسية المدمرة على حياة الأشخاص وقد يؤدي إلى الانتحار .

ومن الواجب التفكير في العلاج النفسي والاجتماعي المتكامل لهذه الظاهرة دون التركيز على الجانب القانوني والشرعي منها فقط . 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم