الجمعة 03 مايو 2024 / 24-شوال-1445

رمضان رابطة الإخاء



 

 

مما وَرَد عن العرب أنها سمَّت شهر الصوم قبل الإسلام (ناتقًا)؛ لأنه كان ينتُقُهم؛ أي: يُزعجهم ويضايقهم بقسوة مناخه؛ لأنه عادةً ما يقع في أشهر الصيف الحارة؛ ولأنهم رأَوا فيه إزعاجًا لهم؛ لانقطاعهم عن شهواتهم وملذَّاتهم، وربما أيضًا لأنهم وجدوا فيه مقاساة الجوع والعطش مع شدة العيش، وحرارة الجو المرتفعة في شبه جزيرة العرب.

 

وهو ما جعلهم أيضًا يختارون له اسمَ رمضان؛ لأن حلوله عادةً ما يكون مع مجيء الحَر الشديد، وهو ما يُعرف بالرمضاء، وهي الأرض التي اشتدت حرارتها.

وبقي الاسم (رمضان) هو الاسم الأشهر قبل الإسلام وبعده، ولكن بمجيءِ الإسلام نجد أن هذا الشهر قد اكتسب سماتٍ وصفاتٍ لاقَتْ به، وبمكانته عند المسلمين، وبما يُحدِثُه الصيام في نفوس المسلمين من صفاء، وجمال، ونقاء، حتى تعدَّدت أسماؤه فوصلت ستين اسمًا؛ منها: شهر القرآن، وشهر المواساة، وشهر الرضوان، وشهر الصون، وشهر الآلاء.

 

وقد جاء في تفسير القرطبي قول بعضهم: “وإنما سُمي الشهر برمضان؛ لأنه يرمض الذنوب؛ أي: يحرقها بالأعمال الصالحة“.

ولهذا الشهر مكانتُه العظيمة عند المسلمين؛ لأنهم يعيشون فيه أوقاتًا لا يعيشونها في غيره، لا سيَّما وهو شهر الطاعات والعبادات، الذي يُغير من حياةِ المسلم، فيحمِله على أن يعقد العزم على الاجتهادِ في التقرب إلى المولى بإقامة الفرائض، والتزوُّد من النوافل، والإحساس بعظيمِ المسؤولية الملقاةِ على عاتقه تجاهَ الآخرين، فلا يقصر همه على نفسه، بل يتجاوزُه إلى التفكير في غيره، فتراه يُسابق إلى الإحسان إليهم بالصدقة والإطعام والسقي.

 

وهو المطالَب في الوقت نفسه بتنقية سريرته، وتصفية روحه، وتهذيب نفسه، وتحسين أخلاقه؛ لعلمه بأن العمل معقودٌ بالنية، ونحن جميعًا لا ندري أي عمل سيقبَلُه ربنا عز وجل، فرُبَّ عمل عظيم حقَّرته النيَّة، ورُبَّ عمل صغير عظَّمته النية!

 

قال الشاعر:

الصومُ رابطةُ الإخاءِ قويةٌ
وحِبالُ ودِّ الأهلِ والأصحابِ

الصومُ درسٌ في التساوي حافلٌ
بالجودِ والإيثار والترحابِ

المصدر : شبكة الألوكة

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم