الجمعة 03 مايو 2024 / 24-شوال-1445

كيف تهيء الأسرة أبناءها لرمضان



د. العربي عطاء الله

الأطفال بهجة العمر وزينة الحياة الدنيا، والرصيد الباقي للمرء بعد موته إن أحسن تربيتهم وتنشئتهم كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه (أو ولد صالح يدعو له)، ورمضان فرصة عظيمة لها آثارها على نفوس أطفالنا إن أحسنا استغلالها والإفادة منها بما ينعكس على سلوكهم وأخلاقهم في شؤون الحياة كلها.


فالصوم مسؤولية جسيمة تتطلب قدراً من الجهد والمشقة والصبر وقوة الإرادة، إضافة إلى أنه فريضة وضع الشارع الثواب على فعلها والعقاب على تركها، مما يحتم على الأبوين ضرورة تعويد الأبناء على أداء هذه الفريضة، وتحبيبهم فيها، واستثمار هذه الفرصة الاستثمار الأمثل لغرس القيم والسلوكيات الحميدة في نفوسهم، وإضافة عدد من المهارات والتجارب لديهم .


فكيف نجعل من لحظات الصيام سعادة في قلوب أولادنا، وكيف يصبح رمضان فرحة ينتظرونها بفارغ الصبر، وكيف نستثمر هذا الشهر في غرس المعاني التربوية والإيمانية في نفوسهم؟!.

 


من المهم جداً أن يرى الطفل ويسمع من حوله مظاهر الحفاوة والابتهاج بهذا الشهر الكريم، فينشأ ويكبر وهو يشاهد هذه السعادة الغامرة والفرحة الكبيرة من والديه وإخوانه كلما هبت نسائم شهر رمضان، وتظل هذه الذكريات السارة محفورة في ذاكرته لا تبليها مرور الأيام ولا تمحوها كر الشهور والأعوام، ولو رجع أحدنا بذاكرته إلى الوراء عدة سنوات ليتذكر البدايات الأولى التي عاش فيها تجربة الصوم لوجدها من أكثر السنين متعة وإثارة وصورا راسخة لا تمحى .


من المهم جدًّا أن يشعر أبناؤنا أن رمضان قد جاء ليقوِّي إرادتنا، ويشد عزيمتنا، ويحررنا من الضعف و وطاقة الطفل وتحمله تزداد يوما بعد يوم، فقد يكون في هذا العام غير قادر على الصيام ولا حرج في ذلك ولا إثم فهو لم يبلغ سن التكليف بعد، كما أنه ليس بالضرورة أن يصوم الطفل الشهر كله في البداية، أو يصوم اليوم كاملاً إلى نهايته، بل يمكن أن نبدأ معه بشكل متدرج كأن يصوم للظهر ثم للعصر، ولا حرج إن كان بمقدوره تحمل الجوع مع تناول بعض الماء وهكذا حتى يعتاد الصيام .

 


ولا بد مع ذلك من التلطف مع الطفل، وتنمية جانب الاحتساب عنده، عن طريق بيان ما أعده الله للصائمين، وألا يفهم أن القضية جوع وعطش، بل هو عبادة وطاعة، وفوق ذلك ثواب عظيم، وجزاء كبير .


الوهن، وينفض عنا الخمول والكسل.

 


ويتم تنظيم أوقات أبناءنا في شهر رمضان كالتالي :


1- أن تكون لك جلسة مع أولادك في بداية رمضان -ويفضَّل أن يحضرها الوالد- حَدِّثيهم عن فضل الشهر الكريم، وأبواب الجنة المفتوحة, وأنه فرصة لكل منهم أن يزيد حسناته ويتقرب إلى الله.


2- ضعي معهم نظامًا لليوم وقواعد للاستفادة من الوقت كله, مثلاً صممي معهم جدولاً للأعمال اليومية المطلوب أداؤها من مذاكرة وأداء واجبات، ونظميها حسب المواعيد الجديدة في رمضان.


3- حددي للعبادات التي تريدين تعويدهم عليها أوقاتًا محددة في الجدول، مثل الصلاة في وقتها, وقراءة القرآن الكريم، والأذكار، والصلاة في المسجد، وعدم التشاجر أو التلفظ بألفاظ سيئة.. وهكذا, وفي نهاية كل يوم نُرِي كلاًّ منهم كم أخذ من الثواب اليوم.


4- قولي لهم بأنك أنتِ أيضًا تريدين الاستفادة من رمضان,؛ لذلك مطلوب منهم مساعدتك في أعمال المنزل حتى تأخذي ثواب رمضان أنت أيضًا, وحددي لكل منهم أعمالاً واضحة يستطيع أداءها, وأهمها تنظيف غرفهم وملابسهم وكتبهم وكل ما يخصهم.


5- إذا كانوا صغارًا لا تنسي أن تشركيهم معك في العبادات ليعتادوا عليها، مثل الصلاة معك والجلوس بجانبك عند قراءة القرآن.


6- إذا كانوا كبارًا حاولي تعويدهم الصلاة في المسجد إن أمكن، وكذلك صلاة التراويح حتى ولو أربع ركعات فقط.


7- أشركي والدهم معك في ذلك, واجعلي له مسئوليات محدَّدة مثل متابعتهم دراسيًّا، ومساعداتهم في استذكار دروسهم.


8- التليفزيون في رمضان من أكثر الأشياء التي تضيع وقت الأولاد والأسرة كلها؛ لذلك مهم جدًّا تحديد واختيار برامج مناسبة لهم يتابعها الأطفال, وفيما عدا ذلك يغلق التلفزيون, وارفعي في بيتك شعار “رمضان شهر العبادة”.


9- نظمي لأولادك مواعيد نومهم حسب مواعيد مدارسهم وطاقتهم, ويفضَّل أن يكون النوم قبل الإفطار, وحددي لهم أوقات استذكارهم بعد صلاة الفجر وبعد صلاة التراويح, ولا تتركي الأمر عشوائيًّا.


10- أخبري أولادك أن الصيام لا يعطِّل مسيرة الحياة, وإنما يدفعها نحو الإتقان والتحسين ومراقبة الله! وليس هناك فصل بين العبادة وطلب العلم, وأخبريهم أن طلب العلم فريضة كما قال النبي : “إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع”. وعرفيهم أيضًا أننا أُمَّة العلم, وأن أول كلمة نزلت في كتاب الله تعالى “اقرأ”، وأن الإسلام يعدّ طلب العلم عبادة من أعظم العبادات، وقُربة من أعظم القربات.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم