الأحد 19 مايو 2024 / 11-ذو القعدة-1445

حالة استنفار في المنازل



ضغط نفسي وقلق نصنعه بأنفسنا، ذاكرة مشحونة بالخوف، تهدد بخطرٍ آتٍ، بعبع اسمه الامتحان.. لماذا ؟!!
لماذا كل هذا الاستنفار؟!! هل هناك حروب سيخوضها أبناؤنا؟!! والبحر من ورائهم والعدو أمامهم؟!! أم أنهم سيخوضون امتحان الآخرة ؟!! – اليوم تسود وجوهٌ وتبيضُ وجوهٌ – ؟!!

لماذا كل هذا الرعب والقلق الذي يخلقه بعض أولياء الأمور، والذي ينتقل سلباً وإيجابا للأبناء؟!! فعلى الرغم من القدر الكبير من الوعي الذي يتمتع به أولياء الأمور في عصرنا هذا، والمؤهلات العالية إلاّ أن هاجس تفوق الأولاد والحصول على أعلى الدرجات، أصبح الهدف الرئيس والغاية من الامتحانات في كل المراحل، خاصة طلبة الثانوية العامة، الذين يُمارس عليهم كافة أنواع الضغوط وهم بأمس الحاجة للمزيد من الاحتواء والهدوء النفسي والعاطفي.
أما النظام العسكري المطبق في المنزل، فلا ينقصه إلّا صفارة الشرطي، حصار يبلغ ذروته بقائمة ممنوعات (التلفاز، الأصدقاء، الهاتف… الخ)  فقط الكتاب الرفيق حتى أثناء الأكل، وفي فراش النوم. في الوقت الذي يجب الاعتناء بتغذيتهم السليمة ومراعاة عدد ساعات نومهم المطلوبة طبعاً.. النوم ليلاً.

قليل من الترفيه رجاء، بشرط ألا يؤثر على وقت الطالب المحدد للاستذكار، هذا مع التحفيز والتشجيع والتركيز على الجوانب الإيجابية فيهم وشكرهم عليها.
يجب أن تعرف الأسرة قبل الطالب أن الامتحان ما هو إلّا وسيلة لقياس المستوى التحصيلي، وتوضيح الجانب الإيجابي منه، وعدم تهويله والترهيب منه؛ حتى لا يتحول لشبحٍ وكابوس ٍ يظهر لهم في كل لحظة حتى في المنام. والدليل.. النفسية المتردية للطلاب، والارتباك وعدم التركيز وحالات الإغماء في قاعات الامتحانات. 
التوتر الزائد في الأسرة؛ نتيجة حالة الاستنفار، لا يصنع القلق للطالب بل هو مصدر القلق بعينه، هذه الفترة بالنسبة للطالب إرهاب وتوقع الأسوأ، وكثيراً ما يصاب نتيجة ذلك بأعراض صحية: كعدم النوم، وفقدان الشهية، وعدم التركيز مع اضطرابات نفسية وانفعالية وجسمية.
أما المقارنة بين الإخوة وأبناء العائلة والأصدقاء فإحباط مدمر، لا تنسوا قدرات أبنائكم وضعوا في عين الاعتبار مبدأ الفروق الفردية، مع احترام قدراتهم وعدم التوقع منهم أكثر مما يطيقونه، وعدم فرض طموحاتكم عليهم دون احترام ميولهم وإمكاناتهم. 
وبدلاً من كل هذه الضغوط، يؤمل توفير الأجواء النفسية المريحة والمناخ الملائم ما قبل الامتحانات، وفي فترة الامتحانات، وذلك بعدم إبداء أي مظاهر للانزعاج والقلق أمامهم فهذه الفترة تمثل منعطفاً هاماً في حياة الطالب ومستقبله. 
هناك بعض الممارسات المرفوضة من الأهل، التي تربط بين نتائج الأبناء ومعادلاتهم بالعقوبات، أو الحرمان، أرجو ألا تحدث، فلو طُبقت فستهدم البقية الباقية من شخصياتهم وقدراتهم.
سوق الدروس الخصوصية في قمة رواجه، في هذه الفترة، وعدد المدرسين بعدد المواد تقريباً  بالرغم من سلبياته، ومنها الوقت بحسب رحمة المعلم ووقته الضيق، المقسم على جميع من يقوم بتدريسهم من التلاميذ، فقد يصادف أحياناً حضوره منتصف الليل، الذي يفترض أن ينام فيه الطالب؛ ليستقبل الامتحان بذاكرة جيدة استقبلت المعلومة وطبعتها وخزنتها.
متى ينام الطالب؟!! وهل سيستوعب من معلم منهكٍ استُنفدت كل طاقاته مع تلاميذ آخرين؟!! 
والنتائج بالطبع تأتي عكسية.. واقع مؤسف تقرّه شهادات الطلبة في أكثر الأحيان، والسبب واضح. 
للحديث بقية، وأرجو من الله التوفيق لأبنائنا وبناتنا الطلبة والطالبات في كل المراحل.

[email protected]

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم