الأحد 05 مايو 2024 / 26-شوال-1445

الوالدان..أول معلمي الأطفال وأهمهم .



                                        الوالدان .. أول معلمي الأطفال وأهمهم .
http://www11.0zz0.com/2011/12/25/15/477777540.jpeg                                                                                 د. فتحي محمود احميدة .
يعد البيت المؤسسة التربوية والثقافية الأولى التي ينشأ فيها الطفل، وتتشكل فيه سلوكاته وأفكاره واتجاهاته وحتى أحلامه أيضا، بينما تعد الروضة أو المدرسة المؤسسة التربوية الثانية التي تعزز قدرة الطفل على التعلم في سني حياته المبكرة، وتزوده بالمعارف والمهارات والاتجاهات اللازمة لترقى بنموه من جميع الجوانب. فالبيت والمدرسة هما أهم عالَمَين في حياة الأطفال الصغار، حيث يتنقل الطفل بين هذين العالمين كل يوم تقريبا.
فإن تم التواصل بين البيت والمدرسة بطريقة إيجابية قائمة على الشراكة بين الوالدين ومعلمي الأطفال فإن الرابح الأكبر سيكون في نهاية المطاف الطفل، حيث سينعكس ذلك إيجابا على نموه وتعلمه. أمَا إن كانت العلاقة بين هذين العالمين قائمة على الخلاف والنزاع والشك لسبب أو لآخر فإن ضررا كبيرا سيلحق بالأطفال وبالتالي سيؤثر ذلك على تعلمهم سلبا.

لقد ساد اعتقاد خاطئ لدى كثير من الوالدين مفاده أن مسؤولية تعلم الطفل الأولى ملقاة على عاتق المعلمين بوصفهم خبراء في مهنتهم، لذلك تركوا أطفالهم للمدرسة وحدها لتقوم بشؤون تعليمهم، واقتصر دورهم على تذكير أطفالهم بحل واجباتهم المدرسية أو مساعدتهم في حلها أحيانا.
وأصبح اتصالهم مع المدرسة يتم إما للاستفسار عن تقدم الطفل في النواحي المعرفية أو لحل مشكلة سلوكية قام بها الطفل، أو لدفع الأقساط المدرسية وما شابه ذلك. ولعل هذا الاعتقاد قد امتد ليشمل فئة المعلمين الذين باتوا يعدون مشاركة الوالدين في برامج المدرسة التعليمية ترفا لا فائدة منه ومضيعة لوقتهم وتدخلاً في شؤونهم التعليمية.

والحق أن مشاركة الوالدين في برامج المدرسة التعليمية تفيد الوالدين في تعزيز تبادل الأفكار والمعلومات حيث تُطور فهم الوالدين لنمو الطفل وتطوره، وتُطلعهم على طرائق تعليم أطفالهم، وكيفية تقديم الخبرات التعليمية لهم، وهذا يعد على درجة كبيرة من الأهمية لأن الوالدين وهم الذين يقضي معهم الأطفال وقتاً أكثر من الوقت الذي يقضونه في المدرسة يمكن أن يفيدوا من تلك المشاركة في توسيع التعليم من المدرسة ليمتد إلى البيت.
لذلك فينبغي على المربين أن يستفيدوا من رغبة الوالدين في المشاركة في برامج الروضة التعليمية وتعرف المزيد عن خبرات أطفالهم، وبيان كيفية التعامل معهم وتعليمهم، وأن يركزوا على بناء علاقة إيجابية مع كل ولي أمر أساسها التعاون والاحترام لتيسير تربية وتعليم الأطفال، لأن هذا من شأنه أن يعزز الثقة لدى الوالدين بدورهم.

فالناظر إلى العلاقة بين البيت والمدرسة في الدول الغربية المتقدمة يجد اختلافا كبيرا في تلك العلاقة بين تلك الدول وبيئاتنا العربية. فعلى سبيل المثال، تعمد بعض المدارس في الدول المتقدمة إلى وضع برامج تدريبية للوالدين ينفذها المعلمون وتكون قائمة على تبصير الوالدين بمراحل نمو الطفل وتطوره وبيان دور الوالدين التعليمي سواء داخل البيت أم في المدرسة.

كما ترسل تلك المدارس بين الحين والآخر نشرات أو مطويات تربوية للتعريف بطريقة تدريس الحروف أو طريقة جمع الأعداد مثلاً أو نشرة عن كيفية التعامل مع الطفل العدواني أو الطفل الذي لديه صعوبات تعلم أو نحوها.

وقد يكلف المعلمون الوالدين بأدوار تعليمية داخل غرفة الصف، كأن توجه دعوة إلى أمهات الأطفال إلى الصف أسبوعيا لقراءة قصة للأطفال، أو مساعدة المعلمة في الإشراف على الأطفال أثناء انهماكهم في الأنشطة التعليمية بعد أن يسبق ذلك تدريب للوالدين لإعدادهم لهذه الأدوار التعليمية.

كما يمكن أن تستعين المدرسة بالوالدين في تصميم وإنتاج الوسائل التعليمية، وخاصة من الوالدين الذين يمتلكون مهارات خاصة في صناعة بعض الأدوات والألعاب التربوية الملائمة لأطفالهم كالدمى أو الاستعانة بهم في خياطة ملابس الدمى أو ملابس التمثيل.
وثمة من يستعين بهم في شرح فكرة ما ضمن مجال اختصاصهم، فمثلاً من الممكن أن تأتي إحدى أمهات الأطفال – كأن تكون مثلاً طبيبة أسنان- إلى غرفة الصف لشرح طبيعة عملها للأطفال إذا ما تعرضوا في تعلمهم لخبرة “المحافظة على الأسنان”.

فكل ما يحتاجه الوالدان من المدرسة يتمثل في الطمأنينة والدعم العاطفي والثقة وإشعارهم بأنه مرحب بهم في المدرسة وأنهم شركاء حقيقيون مع المعلمين في تربية وتعليم أطفالهم. ويخطئ المعلمون الذين يتجاهلون الدور الهام للوالدين في حياة الأطفال، وخاصة الذين لا يشركون الوالدين في ممارساتهم التعليمية معتقدين أن الوالدين ليسوا مؤهلين تربويا للاضطلاع بهذا الدور، فهم واهمون إن ظنوا أنّ بإمكانهم تحقيق أهدافهم التعليمية بمنأى عن مشاركة الوالدين .

فما يقوم المعلمون ببنائه داخل المدرسة من الممكن أن يقوم الوالدان بهدمه داخل البيت إن تم إبعادهم عن المدرسة وتجاهل دورهم وعدم إحاطتهم بالمعرفة اللازمة بطرائق تربية وتعليم الأطفال الصغار، فالبيت أهم مكان لتعليم الأطفال الصغار والوالدان أول معلمي الأطفال وأهمهم بل وأكثرهم تأثيرا عليهم.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم