الثلاثاء 07 مايو 2024 / 28-شوال-1445

العمل الخيري والطمأنينة



 

يوافق يوم (5) سبتمبر اليوم (الدولي للعمل الخيري). وعمل الخير هو صورة من صور العطاء والبذل الإنساني والأخلاقي، الذي تدعو إليه الفطرة السليمة، وتحث عليه الشريعة، وكل الأديان السماوية.

والعطاء من أجل الآخرين بدون مقابل أو أجر هو عمل جليل ويبعث على الراحة النفسية والطمأنينة، وهو أيضا من الطرق المؤدية إلى السعادة. ويُنقل عن الدكتور عبدالرحمن السميط -رحمه الله- (وهو أنموذج ورائد في العمل التطوعي والخيري) أنه قال: «والسعادة الحقيقة ليست في جمع الأموال وبناء القصور وشراء الملابس والسيارات، ولكنها إدخال السرور والسعادة في قلوب الآخرين».

والعمل الخيري والتطوعي له أشكال وأوجه متعددة، وحريٌ بالإنسان الفطن أن يشارك فيهما سواء بالوقت أو المال أو الجهد أو المشورة أو الكلمة أو القلم، وألا يحقرن من المعروف شيئا مهما صغر لأن النية الخالصة لله والحرص على النفع للمجتمع هي الدافع والمحفز لتلك الأعمال.

وأما عن سبب اختيار ذلك اليوم؛ فلأنه اليوم الذي ماتت فيه (الأم تيرزا)، التي كرست حياتها من أجل مساعدة المحتاجين والفقراء، وفازت بجائزة نوبل للسلام 1979م. وتم إقراره من قبل الأمم المتحدة، وذكرت أن الهدف: «توعية وتحفيز الناس والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة المشتركة في جميع أنحاء العالم لمساعدة الآخرين من خلال التطوع والأنشطة الخيرية».

والعمل الخيري يعزر الروابط الاجتماعية بمختلف درجاتها، ويساهم في تقليل الأزمات الإنسانية بمختلف صورها. وله مجالات متعددة وكثيرة مثل: دعم الفقراء والمحتاجين والمعسرين، والرعاية الطبية، والتعليم والثقافة والتربية وغيرها من المجالات، التي تخدم المجتمع.

وهنا يأتي أهمية دور الجمعيات الخيرية في جعل العمل التطوعي والخيري متنوعا وفي كل باب، وأن يكون مستداما ومنظما ماليا وإداريا، وأن يكون تحت المظلة الرسمية. وهذه الجمعيات هي غير ربحية، ولها دور مهم وبارز في دعم القطاع العام في مختلف المجالات، ومعظم الدول المتقدمة تعتمد عليها في عدة نشاطات من أجل التعاون والتكافل الاجتماعي.

وأما على مستوى الرؤية (2030)، فالهدف هو الوصول إلى مليون متطوع. ومن صفات المجتمعات الحيوية تفعيل طاقات الشباب فيما يخدم الدين والوطن. ويوجد لدينا (المنصة الوطنية للعمل التطوعي)، التي تستطيع أن تختار ما يناسب خبراتك ومهاراتك في مجالات متنوعة كثقافية وصحية ودينية وتقنية وتربوية وغيرها من أجل تحقيق هدف الرؤية، وكذلك إنجاز خمسين مليون ساعة عمل تطوعي. ويمكنك أيضا توثيق ساعات العمل وإصدار شهادات من خلال المنصة.

ومن المهم أن نذكر أنفسنا بأن ديننا الحنيف قد رغب في هذا الباب بصور عدة وفي مواطن كثيرة. ومنها حديث جامع ونافع يبين فضل العمل الخيري مهما كان حجمه ونوعه. فقد جاء في الحديث النبوي: «أحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفعُهُمْ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ تُدخِلُهُ على مُسلِمٍ، أو تَكشِفُ عنهُ كُربةً، أو تَقضِيَ عنهُ دَيْنًا، أو تَطرُدَ عنهُ جُوعًا، ولَأَنْ أمْشِيَ مع أخِي المسلمِ في حاجةٍ أحَبُّ إليَّ من أنْ أعتكِفَ في المسجدِ شهْرًا، ومَنْ كفَّ غضَبَهُ، سَتَرَ اللهُ عوْرَتَهُ، ومَنْ كظَمَ غيْظًا، ولوْ شاءَ أنْ يُمضِيَهُ أمْضاهُ، مَلأَ اللهُ قلْبَهُ رضِىَ يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أخيهِ المسلمِ في حاجَتِه حتى يُثْبِتَها لهُ، أثْبتَ اللهُ تعالَى قدَمِه يومَ تَزِلُّ الأقْدامُ، وإنَّ سُوءَ الخُلُقِ لَيُفسِدُ العملَ، كَما يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ». والمتتبع لهذا الفضل والباب العظيم سيجد أن هناك الكثير من الأحاديث، التي تحث على فعل الخير والعمل الإنساني بوجه عام، وعلى مساعدة الآخرين قولا وفعلا وبطرق متعددة، وكلها داخلة تحت مفهوم العمل الخيري.

إننا حين نبذل من أنفسنا وأوقاتنا من أجل الآخرين سنربح شيئا من راحة النفس، التي لا يعدلها شيء!

____________________

عبدالله الغنام

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم