الأحد 05 مايو 2024 / 26-شوال-1445

الشباب والطاقات



الشباب هم مصدر الانطلاقة للأمة وبناء الحضارات، وصناعة الآمال وعز الأوطان، وبالغفلة عنهم يكون الانطلاق بطيئاً، والبناء هشاً، والمذلة واضحة، والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات للشباب، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها ويفعلها التفعيل المدروس حتى يتم استثمارها.

إن هذا المشروع الاستثماري في طاقات الشباب له أرباح مضمونة مذهلة, متى ما وَجَدَ اهتماماً بالغاً من الحكومات والمؤسسات. ينبغي أن يكون تنفيذ التدريب من خلال الوسيلة العلاجية التي تهدف إلى تصحيح الأخطاء، ثم الوسيلة الفعالة، التي تهدف إلى إعانة مباشرة للممارسة والتطبيق ، ثم الوسيلة الإبداعية التي تهدف إلى زيادة الدافعية نحو التجديد والإبداع.

مع تجدد الثقافات وانتشار العلوم والتقنية، اتجه بعض الشباب إلى الأخذ بزمام النتاج الثقافي الكاسد الذي يجسد ضعف الإيمان ويهشم المبادئ، وصناعةُ قاتل الإبداع والعمل هو الفراغ ، فهو سم الحياة وقاتل الطموح .. كيف لا يكون ذلك ونحن نشاهد ضعف واقع بعض الشباب اليوم ، فهم إما على الطرق سائرون، أو على الشبكات العنكبوتية غافلون، أو عبر شاشات الفضاء غارقون.

إنه عندما يُفَكَّرُ في القضاء على الفراغ في حياة الشباب بمشاريع تحفظ أوقاتهم وتفتق إبداعهم، يكون ذلك عوناً على المستقبل المشرق الذي ينبئنا بقدوم حضارة قوية, تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء ، وعلى ذلك ينبغي أن يكون المستقبل يهتم بجميع فئات الشباب، فالكل يـُستفاد منه، والتطلع ليس لاستثمار المبدع والموهوب فقط، بل يكون ذلك لكل شاب حتى تتنوع الطاقات ويقتل الفراغ.

يؤكد علماء النفس بأن ظاهرة قبول الإحباط والرضا به أكثر قوة عند الشباب، وهذا نتيجة لإفرازات الواقع الذي يعيشونه من كبت وعدم اهتمام ، والمستقبل المنشود هو تخفيف المعاناة والتقليل من هذه الظاهرة، والواقع يشهد تعقيداً مركباً في حاجياته وصعوبة تحقيق متطلباته، إذ إنه من المتحتم على الحكومات والمؤسسات القضاء على مسببات هذه الظاهرة, حيث يبرز على مقدمة ذلك البعد الديني والاستسلام لإملاءات أهل الهوى والزيغ، والبطالة التي تسيطر على واقعهم، والضغط الاجتماعي الذي لا يرحم أخطاءهم ولا يقف بجانبهم في الوقاية أو العلاج, وغير ذلك من بذور الإحباط التي نبتت بماء الواقع البئيس في حياتهم..

لا ينكر أحدٌ الانفتاح الذي يتفاعل معه الشباب من الخطاب العاطفي الموجه له بالصوت والصورة, والتقنيات المؤثرة سلباً على عقولهم، حيث إنهم يتفاعلون مع معطياتها بشكل كبير جداً لجاذبيتها وتوافق أهوائهم معها، ومن هنا ينبغي لنا جميعاً أن ننطلق في بناء الخطاب التربوي وتجديده من أجل أن يجسد الحياة الحقيقية في واقع الشباب وتطلعاتهم، ومن الضروري أن نبتعد عن الخطاب التقليدي بكل ضروبه؛ لأن ذلك لا يمثل تأثيراً في ظل هذا الكم الهائل من الثقافات المتجددة المؤثرة.

والخطاب التربوي المبدع يمنع شبابنا بإذن الله أن يكونوا لقمة سائغة لتيارات الفساد والانحراف .. إنني تساءلت ولا زلت أتساءل: لماذا الدعم المادي يقف عائقاً مباشراً أمام مسيرة الشباب ؟ إنني أتعجب من أموال طائلة تنفق على موائدِ طعام في حفل تكريم، أو مهرجان في ظرف ساعة، أو على مشاريع يظهر لنا منها الاسم فقط, ويذهب من جوفها المضمون، إننا نتمنى جميعاً أن تهتم المؤسسات في الدولة بهذه الثروة الأقوى من الشباب، وأن تهيء لهم ميزانيات ضخمة ، تجمع الشتات الفكري والتربوي والتنموي لدى الشباب، إنني أؤكد وأعيد كتابة هذا السؤال مرة أخرى لكي نجد من يستوعبه ويجيب عليه بصدق وشفافية .. لماذا الدعم المادي عائق مباشر أمام مسيرة الشباب ؟

وإليكم أيها المربون والأولياء مقترحات عاجلة لاحتواء الشباب وبناء مستقبلهم وتحقيق آمالهم ..

• تثقيف المجتمع بالتعامل الأمثل مع أخطاء الشباب ..

• ضرورة تفعيل البناء التربوي والبرامج الوقائية من خلال المدارس في جميع مراحلها ..

• تفعيل النوادي الثقافية والرياضية داخل الأحياء والإسهام في إعداد القائمين عليها ..

• إعداد قنوات فضائية تهتم باهتمامات وهموم وتطلعات الشباب ومن ذلك :-
– قناة تختص بتعليم القرآن…
– قناة تختص بعلاج مشاكل وهموم الشباب …
– قناة رياضية تقوم بتهذيب الوسط الرياضي وتلبي متطلبات الشباب الرياضية بعيداً عن الاحتكار الموجود..
– قناة متخصصة في إظهار الإبداع والثقافة والتميز لشباب العالم الإسلامي ..
وغير ذلك من القنوات التي تهتم بالشباب, لأننا نعيش في عصر الإعلام الفضائي.

• ضرورة الإسهام في التخفيف من الصوارف التي تصرف الشباب عن الاهتمام والإبداع..

• القضاء على الموانع التي تمنع الشباب من الزواج المبكر.

• الوقوف بجانب الشباب المبتعثين وضرورة استغلال فترة دراستهم فيما يعود بالنفع لهم ولأوطانهم وأمتهم، وحمايتهم من الثقافة التي قد تقود إلى الهدم والانحلال ..

• بناء الثروة الاقتصادية عن طريقهم.

• إنشاء المؤسسات الشبابية الحكومية والخاصة التي تظهر الاهتمام ، وتظهر التنافس البنـَّـاء في خدمة الشباب ..

والله لو أقسمت أن كل شاب مهما كان بعيداً معرضاً عن الله فإن فيه خيراً كثيراً، ماحنثت في يميني، فوالله لن ينشأ العلماء العاملون، والأطباء المخلصون، والشباب الراكعون الصادقون الجادّون إلا منكم. فجاهد نفسك واستعن بالله فالفتن كثرت والشبهات اشتدت والشهوات أوقدت, والعدوّ يتربص فإياك أن تنهزم؟ وكلنا ذو خطأ فنحن لسنا بملائكة، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

فتب إلى ربك وتضرّع بضعفك وذلّك . تذكر وقت القدوم على الله جل جلاله, تذكر فجأة الرحيل من هذه الدنيا والدخول في الشّقوق واللحود، عندها ينكشف الغطا ويتحدّد المصير, فريق في الجنّة وفريق في السعير.

أخيرا أخي الحبيب.. أودعك وأتمنى من الله أن يجعل لي ولك مما قلت وسمعت أوفر الحظ والنصيب, وأتمنى أن أراك في ميادين الطاعة والعمل الصالح, مودعاً ميادين العصيان, باراً بوالديك واصلاً لرحمك عفيفاً عن أعراض المسلمين معلقاً بالمسجد فالأمّة بانتظارك فلا تتردد وجرّب.

رعاك الله وحماك, وأسعدك ووقاك, ووفقك وسدد على الحق خطاك……

وفي النهاية .. أشعر بأن هناك آمالاً تشاركني في صباحي ومسائي حول مشروع الرقي بصناعة مستقبل الشباب، أرجو أن يتحقق ولو شيئاً منها، والتفاؤل يغمرني بحصول ذلك بإذن الله…

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم