الثلاثاء 21 مايو 2024 / 13-ذو القعدة-1445

الخطوات الست الأساس في طريق السعادة الزوجية.



الخطوات الست الأساس في طريق السعادة الزوجية.
د.خالد بن سعود الحليبي .
إن من أبرز دواعي السعادة في الدنيا أن يقترن كل من الرجل والمرأة بالإنسان الذي يحبه ، ويحب الطباع التي جبل عليها ؛ لتأتلف النفوس ، وترتاح القلوب ، وتثمر الحياة الزوجية عطاء فياضا ، تظهر آثاره على المجتمع والأمة بأسرها .
والحديث عن السعادة الزوجية أعرض من أن ألم به في هذه العجالة ، ولكني أضع بين أيديكم أيها الزوجان المحبان ست خطوات رئيسة في استجلاب السعادة تاركا الحديث التفصيلي فيما بعد إن شاء الله :
إن أولى الخطوات :. هي النية الصالحة في الإقدام على مشروع الزواج ، وأن الهدف منه العفاف وإنشاء بيت مسلم كل ما فيه وفق الهدي الذي أتى به البشير المصطفى .
والخطوة الثانية :. هي الاختيار ، والعاقل من يحرص على الاختيار لابنته كما يحرص على الاختيار لابنه ، بل أشد ، والدين والخلق هما أولى السمات وأبقاها ، ثم الجمال والمال .
والخطوة الثالثة :. ليلة الزفاف ، فإنها إذا كانت في مرضاة الله ، ووفق سنة رسوله فليبشر الزوجان بالخير والبركة في حاضرهما وفي مستقبل أيامهما بإذن الله .
والخطوة الرابعة :. تحصين البيت من الشيطان الرجيم، فهو عدو الإنسان ومن أبرز أسباب بعد السعادة عن عش الزوجية الحاني . إنه حريص على زرع الفتنة والشقاق بين الزوجين المسلمين ، وبتحويل الود إلى كره وعداوة ، والرحمة إلى مكر وعذاب ؛ حتى إن أكثر ما يفرحه حين تندلع شرارة الخلاف بينهما ، فيأتي بخيله ورجله لينفخ فيها فتكون نارا ولا يرتاح إلا حين تنفصم العرى الوثيقة ، ويتم الفراق لا قدر الله .
فكيف نحصن بيوتنا وأسرنا وأولادنا من الشيطان الرجيم :
البداية من عالم النطف ، حيث الذكر عند الجماع : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا . والذكر عند دخول البيت ، وعلى الطعام والشراب يقول الرسول : (( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان [ أي لإخوانه الشياطين ] : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله ، قال الشيطان : أدركتم المبيت ، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان : أدركتم المبيت والعشاء )) . فكيف يا أخي ببيت يعشش فيه الشياطين أن يسعد ويهنأ ولو فرش بالذهب والحرير !!
ومن التحصينات كثرة قراءة القرآن في البيت : فإن من الثابت أن الملائكة تحضر للاستماع للقراءة ، ولاسيما سورة البقرة التي يقول فيها الرسول : (( لا تجعلوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله شيطان )) .
ومما يحصن البيت من الشيطان تطهيره من صوت إبليس ، يقول الله تعالى :{ واستفزز من استطعت منهم بصوتك } قال مجاهد وهو من أئمة التفسير المعتبرين : صوت الشيطان الغناء . وإذا نادى الشيطان في بيت اجتمع عليه جنوده من كل مكان واتخذوه مسكنا ومأوى ؛ فعاثوا فيه الفساد ، وأوقعوا فيه الشقاق والبغضاء والشحناء .
وإذا جملت بيت الزوجية بما شئت من التحف والصور في غير إسراف ، فاحذر أن يكون من بينها صورة معلقة لأحياء ، أو تماثيل منصوبة ، فإن الرسول قال: (( إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ، وقال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة )) . ويستثنى من الصور ما لا روح له كالأشجار والجمادات .
ومن التحصينات المهمة للبيت عن الشيطان : المعاملة الطيبة الحسنة بين الزوجين ، فإنها تقويض لكل ما يبنيه الشيطان بينهما من عداوة وبغضاء .
إن كل هذه التحصينات من الشيطان لأنه ثبت في حديث لرسولنا : (( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ، قال : فيدنيه منه ويقول : نِعْمَ أنت )) .
ولا شك أن التفريق بين الزوجين هدم للمجتمع من أساسه ، وهو من أهم أهداف الشيطان الرجيم .
والخطوة الخامسة من خطوات السعادة الزوجية :
تربية البيت على الطاعة، فإن الرجل والمرأة إذا تربيا على الإيمان والصلاح فإنهما يكونان أبعد الناس عن الرعونة في الخلق ، والبذاءة في اللسان ، والظلم في طلب الحق ، وهي أسس التفاهم بين الإنسان وأخيه الإنسان .
وتأمل أخي ويا أخيتي معي هذا الحديث : الذي يقول فيه الحبيب : ” ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة ؟ الودود الولود العؤود، التي إذا ظُلمت قالت : هذه يدي في يدك ، لا أذوق غمضاً حتى ترضى” [رواه الدارقطني والطبراني وحسنه الالباني ].
تخيل تخيلي إنها إذا ظلمت أي ظلمها زوجها جاءت تسترضيه فكيف لو ظلمته هي .
إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية ولا شهوانية بهيمية ، إنها علاقة روحية كريمة ، وحينما تصح هذه العلاقة وتصدق هذه الصلة فإنها تمتد إلى الحياة الآخرة بعد الممات { جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم }.
وأما الخطوة الأخيرة في هذا المقام :
فهي احترام كل من الزوجين للآخر ، والتعاون على السراء والضراء ، والطاعة المبصرة من الزوجة لزوجها ، فـ(( أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة )) . هذا في مقابل قول الرسول : (( استوصوا بالنساء خيرا )) .
أسعد الله كل مؤمن ومؤمنة يريدان العفاف بزواجهما دنيا وآخرة ، ورزقهما الذرية الطيبة المباركة . 
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم