السبت 18 مايو 2024 / 10-ذو القعدة-1445

الحوار بين الأستاذ والطالب



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهناك تلازم بين الحوار والدرس، وبين الحوار والأدب, وبين الحوار وحسن السؤال، وبين الحوار واللطف, وبين الحوار واللغة الراقية. وهذا كله من شأنه أن يجعل الحوار يُؤتي أُكله, ويصل إلى أهدافه من بيان الحق , وإقناع الآخر به، ولا سيما أثناء الدراسة الجامعية.
لكن المشاهد في الواقع -وأخص بالذكر في المحاضرات الجامعية والدروس العلمية وغيرها- يختلف تماماً عما يجب من لوازم الحوار العلمي المتبادل بين الأستاذ والطالب. وهذا ما أود الحديث عنه بإيجاز .


يجدر أن تكون قاعات المحاضرات الجامعية أنموذجاً علميًّا وعمليًّا للتدريب على الحوار النافع، والنقاش الهادف، والخلاف الهادئ، فالبناء العلمي للطالب يبدأ بالسؤال والاستفهام كما جاء في قول نبينا- صلى الله عليه وسلم-:(إِنَّمَا شِفَاءُ العِي السُّؤَال)، والمعنى أن الجهل داء، والسؤال والتعلم هو العلاج، وبطرح السؤال والحوار من أجل الوصول إلى الإجابة الصحيحة، والعبارة البليغة، والإشارة اللماحة والفهم المصون، لذا فالمحاضرات والدروس التي تخلو من أي حوار ونقاش تكون حتما محاضرات مملة على الطلاب، وكذلك على الأستاذ المتحدث، بل وتضعف بناء حصيلة الطالب العلمية من الحجج والبراهين والأدلة، وتجعل مقدرة الطالب هشة أمام تيارات مواجهة من المفاهيم والأفكار المتدفقة من المعلومات والمعارف، ولن يكتشف هذا الداء العضال إلا حينما يتسنم قيادة الدرس والوظيفة، ويشارك في الرقي العلمي والعملي، كما أن البعد عن الحوار والنقاش العلمي في داخل المحاضرة يُكرس في الطالب العزوف عن السؤال والاستخبار والتحليل والتركيب للمسائل العلمية، مما يؤول بالمتلقي إلى عدم تقبل الحوار مع الآخرين، ومن ثم عدم تمكنه من مهارة التحاور مع غيره، فأنَّى له أن يتمكن من إقناع الآخرين واستمالتهم، سواء مع أقرانه في داخل قاعة المحاضرات، أم مع أسرته، أم مع زملاء عمله ورؤسائه، أم مع محيط المجتمع كله -مستقبلا-.


كما أن من مخاطر العزوف عن الحوار والأدب فيه؛ أن يتحول الحوار لدى الطالب إلى جدل عقيم ومقارعة سيئة ومنابذة آثمة، وكأنه في ميدان قتال تُراق فيه دماء المتحاربين بسيوف الألفاظ النابية والفكر المعقد والمسلك المتشنج.  ومن هنا فإني أؤكد على أهمية وجود الحوار العلمي المنضبط والهادف في قاعات المحاضرات، والتجديد في وسائل الحوار المنوعة بين الأستاذ والطالب.

ومما ينبغي أن يراعى أثناء الحوار ما يأتي:


– حسن المقصد, وليس العلو والكبر على الأستاذ أو الزملاء.
– الاهتمام باختيار الوقت المناسب للحوار، سواء في أول المحاضرة أم آخرها.
– التواضع في القول والعمل, وتجنب ما يدل على العجب والغرور.
– حسن الاستماع والإصغاء للطرف الآخر حتى يؤتي الحوار ثمرته المرجوة.
– الإنصاف التام فيما هو له أم عليه.
– احترام الأستاذ وإجلاله ومن له فضل عليه .
– الموضوعية -أي رعاية الموضوع وعدم الخروج منه إلى آخر- ومن الموضوعية التوثيق العلمي أيضا عند سياق الحجج.  والله الموفق .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم