الأثنين 13 مايو 2024 / 05-ذو القعدة-1445

الحب والكره من الناحية النفسية



 

لماذا نحب شخصا ولماذا نمقت الآخر؟

 

كثيراً ما نسمع مثل هذه العبارات أنني أحب فلاناً أو فلانة وحتى من المطربين أو الممثلين أو أي شخص ممكن أن نلتقي به في أي مكان ولكن بنفس الوقت نسمع العكس تماما من أننا نمقت (نكره) فلان أو فلانة فلماذا هذه المشاعر وكيف تتولد وكيف يمكن تفسيرها من الناحية النفسية؟
 


نقول أولاً إن الإنسان عبارة عن عقل وروح وجسد ، فالعقل هو من تتوالد فيه الأفكار المجردة التي لا تحمل أي مشاعر أو انفعالات أو أحاسيس فهي مجردة تماما ، وكل فكرة نفكر بها أو تأتي إلينا لا تأتي منفردة فهي تلحق بنوع من المشاعر سواء كانت إيجابية أم سلبية ، وهذه المشاعر هي من يدفعنا للقيام بعمل ما أو الأصح أن نقول سلوك ما يبديه الجسد.

لذا عندما نرى شخصاً ما وكثيراً ما نسمع عن حب كبير له فنحن لانحب هذا الشخص بل نحب ما يصدر منه من أفعال أو سلوك فهناك فرق كبير بين الشخص وبين العمل او السلوك ولنأخذ أمثلة كثيرة فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم عرفه الناس قبل البعث بأنه الصادق الأمين لذا فهم أحترموه وحبوه لهذه الصفات السلوكية التي كان يبديها ، وهكذا الحال حتى للخلفاء الراشدين فنحن نتذكر ما كانوا يقومون به من عمل وما يقدمونه من سلوك نتعلم منه ججعلنا نحبهم جميعا ونقتدي بهم.

نفس الحال يرتبط الآن عندما نسمع عن فتيات يحببن مطرب معين أو ممثل معين فهنا الحب ليس لشخصه بل أرتبط لما يقدمه من عمل يستمتعون به ويشعرون بالراحة النفسية وأنه يلامس حاجات لديهم فيحبون العمل ولكن يربطون العمل بالشخص الذي قدمه . والعكس تماما عندما نقول أننا نمقت شخصا فنحن لانمقته إلا لسلوك قام به لانستسيغه ولا نحبه أو ذلك السلوك يبعث فينا حالة من عدم الأرتياح فنمقت الشخص لانه مصدر ذلك السلوك مثلما نمقت أي آلة تصدر صوتاً مزعجاً.
 


وقد يسأل سائل ويقول لو كان هذا الكلام صحيح فلماذا نحب أو نمقت أشخاص دون أن نعرفهم أو نتعامل معهم بل من أول نظرة نشعر بذلك الشعور نحوهم؟

الجواب هنا هو لاننا في الحقيقة نربط تلك الملامح بوجه من نرى بخبرة سابقة واعية أو لا واعية عندنا فنقول لم أشعر بالأرتياح له /لها من أول نظرة وهنا يلعب العقل الباطن الدور الكبير في ذلك . يمعنى أن نكون قد مررنا بخبرة سلبية مع شخص أو موقف فيه أشخاص لديهم نفس الملامح أو نفس الصوت أو الطول أو الشكل وهكذا . لذا أحيانا نعجب بالجسم وبعد أن نرى ما يصدر منه من سلوك نمقت الشخص مباشرة.

ومن المحتمل أن تتبدل الفكرة تماما بعد التعامل مع الشخص فنقول ياسبحان الله لم أتحمله في أول لقاء ولكنه ظهر أنه طيب القلب خفيف المعشر وهذا الحكم جاء بناء على ما لمسناه من سلوك صادر من هذا الشخص.
 


وحتى المثل الذي يقول أن المحبة تأتي بعد عداوة فهو صحيح تماما فعندما نعادي شخص نحسب أخطائه وسلبياته فقط وبعد ان نهديء أو يتدخل أفراد للمصالحة نرى سلوك إيجابي لهذا الشخص وليس السلبيات فقط ونقول أنه إنسان جيد ونبدء نحبه وهكذا الحال.

ما أود الوصول إليه هنا هو أننا يجب أن نفكر في أن عملنا وسلوكنا هو من يقربنا إلى الناس فالناس لا تعلم الباطن وما نفكر به أو ما نحمله من مشاعر إلا من خلال ما يظهره لهم سلوكنا ، فلنعمل الخير ونبدء بأبسط شيء إبتسامة صادقة بوجه الآخر تبعث على الارتياح والسرور لمن نقابلهم وكلمة طيبة نعبر بها عن شكرنا لمن فتح الباب لنا أو قال كلمة بسيطة ترحيبية وليس فقط ان كانت مصلحة مشتركة بل عمل يقربنا إلى الله ورسوله والناس أجمعين لنشعر بالحب لمن حولنا وأقول لكم أبتسم عندما تقرأ هذه وأبدء من الان فالوقت بمضي والكل تترقب القادم وكله خير أن أقتنعنا بأن الخير يأتي من أنفسنا وما نقدمه من عمل وسلوك …

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم