الجمعة 01 نوفمبر 2024 / 29-ربيع الثاني-1446

الثقة.. كيف تكتسبينها؟؟



ليست الثقة بالنفس صفة تولد مع الإنسان، لكنها تُكسب يوماً بعد يوم. وهذا ما يفسر كون بعض الناس يتمتعون بالكثير منها، وبعض الناس لا يملكون ما يكفيهم من الثقة بأنفسهم. من أيّ الناس أنتِ؟ وهل يمكنكِ تعزيز ثقتكِ بنفسكِ أكثر فأكثر؟ هذا ما ستعرفينه مَعنَا.
الأشخاص قليلو الثقة بأنفسهم، هم أُناس لا يكفون عن التقليل من أهميتهم، بل إنهم لا يتصورون أنّ الآخرين يمكن أنْ يروا فيهم أي شيء متميز.
انعدام ثقتهم بأنفسهم وضَعف إيمانهم بقدراتهم يمنعانهم دائماً من اتخاذ المبادرة والتقدم إلى الأمام، فهم يستبعدون دائماً احتمال نجاحهم في ما يقومون به، وهكذا فإنك، أنت نفسك، إن كنت غير واثقة بكفاءتك في ما ستقومين به، فإنك غالباً ستتراجعين عن القيام بما تتمنين القيام به. هكذا تفكر الشخصية غير واثقة،

وهكذا تتكاسل عن المبادرة وتفوت عليها الكثير من فرص النجاح. وعدا عن ذلك، فإن الأشخاص الذين لا يتمتعون بما يكفي من الثقة بالنفس يُسبِّبون لأنفسهم شعوراً بالضيق وعدم الاطمئنان. هؤلاء الأشخاص غالباً ما يواجهون مشكلة في الإمساك بزمام أمور حياتهم اليومية. في حين أن الثقة بالنفس تعلم الفرد كيف يفكر ويتصرف بكل استقلالية وحرية، وتعطي لعلاقاته مع الآخرين طابعاً مختلفاً ومتميزاً عن غيره.

 

لكل إنسان ميزة
عندما تشعرين بأنك غير واثقة تماماً بنفسك، تذكري أن لك هوية خاصة بك مختلفة عن الجميع، بمعني أن تكوني على معرفة تامة، وعلى اقتناع بما أنت عليه وبماهية شخصيتك، فأنت إنسانة بالتأكيد لا تشبهين أحداً، لأن الطبيعة تفرض ألا يشبه أي منَّا الآخر، تماماً مثل بصمات الأصابع. تذكري أيضاً أن لديك ذوقك الخاص واهتماماتك الخاصة وحساسيتك الخاصة، وأنك غير مضطرة إلى أن تشبهي أحداً.
أن تعرفي مَن أنت هو المرحلة الأولى. أما المرحلة الثانية، فهي محاولة إلقاء الضوء على نقاط قوتك وإبرازها. إذا كنت، مثلاً، امرأة تتمتع بالقدرة على تنظيم حياتها، وهو شيء لا يتمتع به الجميع، أو تتمتعين بميزة حسن الإنصات لأصدقائك، أو بميزة كونك ماهرة جداً في الطبخ وأطباقك تثير إعجاب كل من يتذوقها، فهذه كلها مميزات لا يستهان بها وينبغي إبرازها. جوهر الفكرة هو أنه لا يمكن أن نجد إنساناً واحداً في هذا العالم لا يشعر بالارتياح عند ممارسة هواية معينة دون غيرها، ويبدع فيها أكثر من غيره. لهذا، لا تترددي في الإمساك بورقة وقلم والتركيز على تدوين مميزاتك مهما كانت صغيرة في عينيك، وبعد أن تكتبيها، اعملي على صقلها وإظهارها باستمرار.

– أثر الطفولة
مَن منَّا لم يكن يتضايق من لقب متهكم كان يطلقه عليه أصدقاؤه، أو من نقد متكرر كان يوجهه إليه والده أو والدته؟ كلنا واجه انتقادات من هذا النوع تقلل من شخصيته ومن قيمته، لكن بوتيرة متفاوتة. اعملي على التخلص من آثار كل الآراء والأحكام والألقاب الاستهزائية التي كان يطلقها عليكِ الأهل والأصدقاء في مرحلة الطفولة أو المراهقة. فقد وجد علماء النفس أن أسباب انعدام الثقة بالنفس تكون متجذرة في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ويكون للآباء والأمهات أو الأشقاء والمحيط عموماً دور كبير في تكريس ذلك، عندما يعايرون الطفل مثلاً بأنفه الكبير أو بفشله في الدراسة أو بأي شيء سلبي يتصف به، بدل أن يحاولوا العمل على تصحيحه وتشجيع الطفل على التحسن.

المفاتيح الخمسة
1- تَميَّزي: لا يكفي أن تدركي أن لك هوية وشخصية خاصة بك، بل عليك أن تعرفي أن ذلك يمنحكِ حقوقاً طبيعية، منها الحق في تكوين أفكار وآراء شخصية والتعبير عنها، والحق في اتخاذ مبادرات، وذلك لكي تستغني عن تبني آراء الآخرين دون نقاش أو انتظار مبادراتهم لتغير لك حياتك. عندما تكون لك آراؤك الخاصة بك حاولي أن تبرزيها وتعبِّري عنها بطريقة ملائمة أمام الآخرين، ولا تخفيها أو تحتفظي بها لنفسك، ولا تتظاهري بالموافقة على آراء الآخرين فقط لأنك تخشين أن يسخروا من آرائك. وكخطوة إلى الأمام، حاولي في حياتك اليومية أن تجبري نفسك على الإدلاء بدلوك عندما يدور نقاش عام في حضورك، حتى وإن كان رأيك لا يتفق مع رأي الأغلبية، حتى وإن كنت تعتقدين أن رأيك ليس ذا أهمية. في البداية، حاولي فعل ذلك في محيط محدود، كأن تعبِّري عن رأيك وسط أشخاص مقربين إليك، داخل الأسرة مثلاً، بحيث لن تخجلي من إظهار رأيك ولا من ردّ فعلهم. وبعد أن تكتسبي بعض الشجاعة وتتعودي على النقاشات، حاولي أن تفعلي الأمر ذاته وسط الأصدقاء، ثم، وفي المرحلة الأخيرة، افعلي الأمر نفسه وأبرزي آراءك ومواقفك في المكتب أمام زملائك في الاجتماعات مثلاً.

2- اثبتي: كوني نفسك في علاقاتك مع الآخرين، ولا تنزلقي محاولة تغيير حقيقتك حتى تعجبي الآخرين، فلا يمكنك أن تكوني نسخة من الآخرين لمجرد أن تفوزي برضاهم عنك، فذلك أمر محكوم بالفشل، لأن النسخة أبداً لا تكون مثل الأصل. اشتري الملابس لأنها تعجبك فعلاً، وليس فقط لأنها تشبه ملابس صديقتك.

3- تحدَّي: ضعي لكل يوم أهدافاً وتحديات صغيرة. يحب أن تضعي أهدافك اعتماداً على معرفة حقيقية بقدراتك، بحيث تكون معقولة وقابلة للتحقيق بقدراتك، بحيث تكون معقولة وقابلة للتحقيق على أرض الواقع في مدة معينة. يجب أن تعرفي إمكاناتك وحدودك ولا تخترقيها. افعلي ذلك بالتدريج، وقسِّمي عملك إلى مراحل، وفي كل مرة ارفعي من صعوبة التحدي، وجنباً إلى جنب مع ذلك راقبي تطورك لتعرفي ما الذي أنت في حاجة إلى تغييره، أو تعديله. وإذا فشلتِ في بعض المرات، فتوقفي قليلاً لتدرسي فشلك وتعرفي أسبابه حتى تصححي الأخطاء وتتمكني من مواصلة إنجازاتك بطريقة أفضل تمكنكِ من تجنب أخطاء الماضي.

4- تذكَّري: لا تتوقفي عن ترديد جمل إيجابية في قرارة نفسك، أو حتى بصوت مسموع عندما تكونين وحدك في مكان ما، كأن تقولي لنفسك: “يمكنني فعل ذلك”، أو “نعم، لديّ الكفاءة اللازمة لهذه الوظيفة”، أو “أنا الأفضل”. ستساعدك هذه الحيلة على أن تصبحي إيجابية أكثر في طريقة تفكيرك، وعلى أن تتغلبي على أي إحساس بالإحباط أو بعدم الثقة بالنفس، وستجعلكِ تطردين من رأسكِ كل الأفكار السلبية. لكن هذه الطريقة لن تنجح أبداً وتثمر النتائج المرجوة منها إلّا إنْ كنتِ مؤمنة بقدراتك.

5- واجهي: يواجه كل واحد من الناس مواقف مزعجة أو محرجة يشعر فيها بعدم الارتياح. أنتِ أيضاً لابدّ أن تمري بمثل هذه المواقف السيئة. لكن، إذا كنتِ واثقة بنفسكِ، فإنكِ ستواجهينها وتعالجينها بدلاً من أن تهربي منها. لا تلقي ببصرك إلى الأرض وتطأطئي رأسكِ بمجرد أن ينظر إليكِ أحدهم نظرة لم تعتاديها، بل عليكِ أن تصمدي وتواجهي، وتجيبي عن أيّ اهتمام يُوجَّه إليك، وحتى إن كان مجرد نقاش عادي مع أشخاص ليسوا مقربين إليكِ، واجهي وكوني إيجابية في النقاش، ولا تنسي أنكِ قد لا تنجحين في رفع الإحساس بالضيق من أوّل مواجهة، لكنكِ مع تكرار الأمر ستكتسبين خبرة خاصة بك تجعلكِ قادرة على تفادي مثل هذه المواقف، أو على الأقل مجابهتها بكل ثقة.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم