الأحد 05 مايو 2024 / 26-شوال-1445

التربية الجنسية للأبناء والكبار .. توجهات وأراء ومنظور اسلامي.



وقد مرت الثقافة الجنسية بمراحل وتطورات عديدة وفقاً لتركيبة المجتمع وظروفه وثقافته، ولا تزال النظرة إلى هذا الموضوع مشوهة ومجانبة للصواب لدي الكثيرين وحتى لدي مثقفين في أكثر مجتمعاتنا، كما وأنها تحوي كثيرًا من الخرافات والمعلومات الخاطئة، والتي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عدد من الاضطرابات الجنسية والنفسية والاجتماعية لدى الأفراد في المجتمع.

 

ويعتقد البعض أن الثقافة الجنسية تتعارض مع الدين أو أنها تشجع الإباحية والانحلال الأخلاقي،وهذا بالطبع غير صحيح فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة كيف يختارون أزواجهم، وكيف يتعاملون مع نسائهم، بل وأيضا كيف يأتون أهليهم، وماذا يقولون عند الجماع، وربما في أكثر من ذلك كما في حديث المستحاضة وغيرها من المواقف المشهورة، والفقه الإسلامي يتناول القضايا الجنسية بصراحة ووضوح وبشكل منطقي وعملي وأخلاقي وتربوي في آن واحد.

 

فالتَّربية الجنسيَّة بِهذا المعنى لا يقصد بها تعْليم الجنس؛ بل توجيه كلا الجِنْسَين من منظور ديني وأخلاقي نحوَ المسائل الجنسيَّة، والتغيُّرات الجسميَّة التي يتفاجأ بها أبناؤها على حين غفلة، والابتعاد عن التعلُّم الاعتباطي الكمي والكيْفي من مصادر غير أمنة او غير علمية او غير موثوق فيها مثل الاعلام الهابط والكتب والمجلات الدعائية الهابطة والنت وأصدِقاء السّوء، أو عن طريق التَّجارب الخاطِئة التي يقع فيها أوْلادنا عندما نبتعِد عنهم.

 

وقد ذهبت بعض المدارس النفسية والتربوية ومنها الغربية مثل فرويد الى ان النمو الجنسي ومن ثم التَّربية الجنسيَّة تبدأ منذ الولادة وقد كان الإسلام هو السبَّاق إلى ذلك؛ إذِ اعتنى بالطّفل منذ الولادة فجعل خِتانه من خصال الفِطْرة، ومن سُنن الهدي النبوي، بل أنَّ الغرْب توصَّل إلى أهميَّة الختان في مقاومة الأمراض والتعفُّنات التي يُمكن أن تُصيب الرَّجُل والمرأة على حدٍّ سواء في الصَّحيحين عن أبي هُريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الفطرة خمس: الخِتان، والاستِحْداد، وقصّ الشَّارب وتقليم الأظافر، ونتْف الإبط)).

وتتوالى مراحل التربية الجنسية

ففيما بين سنّ (7 – 10 سنوات) وهي المرحلة الأبتدائيَّة، يهتم فيهابتعليم الصِّبيان ومَن هم قبل البلوغ الأحْكام – خاصَّة العمليَّة – وتدريبهم عليها، سواء الصَّلاة والوضوء لها، ونواقِض الوضوء وأحكام الطَّهارة، وكذلِك الصَّوم و طبعًا الطَّهارة والوضوء يترتَّب عليْه بيان نواقضِه، ووسائل رفع الحدث.

 

ثمَّ التفريق في المضاجع؛ يقول الرَّسولُ – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((وفرِّقوا بيْنهم في المضاجِع))؛ رواه أبو داود في سُنَنه.

ويتعلَّم فيها الأبناء آدابَ الاستِئْذان؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 58].

 

وغضُّ البصر وبِحيث يحرم النَّظر إلى غير المحارم، في قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]، فإذا وجد الطِّفل البيئة الصَّالحة التي تعامله منذ ولادَتِه معاملة صحيحة، فإنَّه ينمو صحيحًا، أمَّا إذا شبَّ الطِّفل في أسرة لا تسمح بالنموّ الجنسي السَّليم، فإنَّ المشكلات الجنسيَّة تبدأ في الظّهور وتتراكم حتَّى تعبِّر عن نفسها في مرحلة المراهقة، وتظهر الانحرافات الجنسيَّة.

 

و قديتخوف الآباء والأمهات عادة من أسئلة الأبناء الجنسية والمحرجة، أو حتى يتهربون من شرح الموضوع لهم، إما لأنهم تعرفوا على الأمور الجنسية عن طريق الصدفة، ولم يتعرضوا لأي نوع من أنواع التربية الجنسية”، أو لأنهم يشعرون بأن عملية “التربية الجنسية” والخوض في الموضوع قد يتعرض في آخر المطاف إلى حياة الآباء والأمهات الخاصة، مما يثير لديهم تحفظا.

 

ويفضل بدءا من سن العاشرة عند الابن، والثامنة عند البنت، أن يتم شرح التغيرات الهرمونية التي ستطرأ عليهم خلال مرحلة المراهقة، وشرح ما يطرأ على المراهق والمراهقة من تغيُّرات فسيولوجية، وفي هذه المرْحلة لا بدَّ من تضافُر مجهودات الآباء والمدرِّسين في توصيل المعلومات الصَّحيحة إلى الابْن المراهق، وفكّ كلّ لُغز مُحير لديْه وبضوابطَ شرعيَّة صحيحة، وقد يكون من الأجْدى وضْع موادَّ دراسيَّة لتبْصير الابناء وتفهيمهم ما يتعلق بهذه المواضيع والاجابة على استفسارتهم بطرق علمية سليمة بعيدة عن الاثارة وتَحذيرهم في الآن نفسه من مغبَّة اتّباع مسلكيَّات مخالفة للعرف او بفهم خاطئ للشَّرع الحنيف، من قبيل ما نهى عنْه الله – عزَّ وجلَّ مثل الاقتِراب من الزِّنا او مقدماته المختلفة كما في قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء: 32].

 

بالنسبة للفتيات: يجب على الأم أو المربية أن تؤكد على الناحية الإيجابية لبدء الحيض، وأن تشرع في تعليم الفتاة الجوانب الشرعية للحيض، وكيف تتعامل معه، وكيفية النظافة الشخصية أثناءه، ثم كيف تتطهر منه، وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية بالنسبة للصلاة والصيام ومسّ المصحف وغير ذلك.. وتتابعها عن كثب، وتجيبها على أسئلتها التي ترد على ذهنها بعد هذا الحوار بدون حرج وبصورة مفتوحة تماما، ولا تتحرج من أي معلومة، لأن الفتاة إذا شعرت أن الأم أو المربية لا تعطيها المعلومة كاملة فإنها ستبحث عنها وتصل إليها من مصدر آخر لا نعلمه، وسيعطيها لها محملة بالأخطاء والعادات السيئة والضارة، فنحن لن نستطيع وقتها أن نعلم ماذا سيقول لها هذا المصدر والذي غالبا ما يكون هو زميلاتها، أو وسائل الإعلام.

 

– بالنسبة للفتى: من واجب الأب أو المربي أن يعلماه بكافة التغييرات التي سيشهدها جسده، في الفترة المقبلة. ولا بد من إعلامه بأن السائل المنوي قد يقذف في أثناء نومه، وأن القذف الذي ترافقه لذة هو ظاهرة طبيعية، لأنها دلالة على رجولته، ولكن يستتبع ذلك آداب شرعية خاصة بالطهارة والغسل، وإن الميل إلى الجنس الآخر شيء وارد، ولكن الإسلام حدد لنا سبل التلاقي الحلال في إطار الزواج، وشرع لنا الصيام في حالة عدم القدرة على الزواج، لتربية النفس على تحمل الصعاب والتي منها الرغبة في لقاء الجنس الآخر – على أن يكون ذلك بنبرة كلها تفهم – ولا يغفل هنا القائم بالشرح ذكر “المودة والرحمة” التي يرزقها الله للأزواج.

 

أما بالنسبة لأسئلة الأبناء الجنسية، فلا مانع من الإجابة عليها، ولكن هناك عدة شروط يفضل توفرها في الإجابة:

 

1- أن تكون مناسبة لسن وحاجة الابن: فيجب التجاوب مع أسئلة الابن في حينها وعدم تأجيلها لما له من مضرة فقدان الثقة بالسائل، وإضاعة فرصة ذهبية للخوض في الموضوع ، حيث يكون الابن متحمسا ومتقبلا لما يقدم له بأكبر قسط من الاستيعاب والرضى.

 

2 – متكاملة: بمعنى عدم اقتصار التربية هنا على المعلومات الفسيولوجية والتشريحية، لأن فضول الابن يتعدى ذلك، بل لا بد من إدراج أبعاد أخرى كالبعد الديني، وذلك بشرح الأحاديث الواردة في هذا الصدد، مثل سؤال الصحابة الكرام له صلى الله عليه وسلم: “أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” (رواه مسلم). بمعنى أن لا نغفل بعد اللذة في الحديث، ولكن يربط ذلك بضرورة بقاء هذه اللذة في ضمن إطارها الشرعي (الزواج) حتى يحصل الأجر من الله تعالى.

 

3 – مستمرة: هناك خطأ يرتكب ألا وهو الاعتقاد بأن التربية الجنسية هي معلومات تعطى مرة واحدة، دفعة واحدة، وينتهي الأمر، وذلك إنما يشير إلى رغبة الوالدين أو المربي في الانتهاء من واجبه “المزعج” بأسرع وقت، لكن يجب إعطاء المعلومات على دفعات بأشكال متعددة، مثلا مرة عن طريق كتاب، أو شريط فيديو، أو درس في المسجد، كي تترسخ في ذهنه تدريجيا ويتم استيعابها وإدراكها بما يواكب نمو عقله.

 

4- في ظل مناخ حواري هادئ: المناخ الحواري من أهم شروط التربية الجنسية الصحيحة، فالتمرس على إقامة حوار هادئ مفعم بالمحبة، يتم تناول موضوع الجنس من خلاله و في مساعدة الأبناء للوصول إلى الفهم الصحيح لأبعاد “الجنس” والوصول إلى نضج جنسي، متوافق مع شريعتنا الإسلامية السمحاء، وأحكام ديننا الحنيف.

 

اذن المقصود من التربية الجنسيَّة هو تعليم الولد أو البنت وحتى الكبار وتوْعيتهم ومصارحتهم، بالقضايا التي تتعلَّق بالجنس، وترتبِط بالغريزة، وتتَّصل بالزَّواج، حتَّى إذا شبَّ الفرد، وتفهَّم أمور الحياة، عرف ما يحلُّ وما يحرم، وأصبح السّلوك الإسلامي المتميّز خُلقًا له وعادة، فلا يجري وراء الشَّهوة، ولا يتخبَّط في طريق السوء والضلال، وتلك مسؤوليَّة الآباء والأمَّهات ووسائل التَّنشئة الاجتِماعيَّة، فالأب يتكلَّم مع ابنه، والأمّ مع ابنتِها، ومؤسَّسات التنشئة توفّر جوًّا من الطهر والعفاف، ينشأ فيه الجيل المسلم بعيدًا عن مثيرات التَّشويش والإثارة،

يقول الدكتور موريس بوكاي في كتابه الشَّهير “القُرآن الكريم والتَّوراة والإنجيل والعِلْم”، الَّذي خصّص مبحثًا تحت عنوان: القُرآن والتَّربية الجنسيَّة، أكَّد فيه أنَّه مُنذ أربعةَ عشرَ قرنًا نزل في القُرآن حشدٌ من التَّفاصيل عن الحياة العمليَّة، وفيما يختصّ بالسّلوك الَّذي يجب أن يتَّبعه النَّاس في عديد من ظروف حياتِهم، ولم يستبعِد القرآن الحياة الجنسيَّة.

 

واخير هناك بعض التوجيهات للمربين والأباء يجب مراعاتها خاصة و نحن نعيش في عصر كثرفيه الفساد وكثرت فيه استهدافات الابناءأيضاًمن جميع الجهات السلبية والأشخاص ذوي النوايا السيئة من مختلف الجنسيات وحتى نعيش هذا الزمان عيشة كريمة بعيداً عن كل المخاطر يجب أن نكون منفتحين حتى ينجو أبناؤنا من كل خطر: فبالنسبة للطفل الرضيع يجب الحرص علي عورته وأن لا نتركه لأي شخص حتى يغير له ملابسهأو يحميه وأن لا نعوده علي تحسس أماكن العورات وعدم تركه لوحده او للغير ، إذا بلغت البنت 6 سنوات يتم إفهامها ألا يحاول أحد أن يتحسسها خاصة في أماكن عورتها ، ولا يطلع عليها أحدوعند خلع ملابسها ، فتخلعها بعدما تتأكد أن باب الغرفةمغلق وفي امان تام وعدم خلع ملابسها أبداً خارج المنزل مهما كانت الأسبابو محاولة تعويدها علي لبس الملابس الداخليةالطويلة ، بالإضافة إلي تعليمها طريقة الجلوس السليمة، مثل أن لا تجلس ورجلها مفتوحة ، وملابسها مرتفعة ، مع تنمية الرقابة الذاتية لديها عن طريق تدريبها علي تغييرمحطات التلفزيون إذا ظهرت لقطات مخلة للآداب وحتى ولو كانت وحدها ، ونومها في غرفة النوم عن أخوتها الشباب .

 

وإذا بلغ الولد6سنوات :تعويده علي النوم علي الشق الأيمن اتباعاً للسنة النبوية ، فإن نوم الطفل علي وجهه يؤدي إلي كثرة حك أعضائه التناسلية ،و إفهامه أن لا يحاول أحد أن يتحسسه في أماكن عورته ،مع البدء في تعليمه الاستئذان قبل الدخول علي الأم والأب أوقات الظهيرة والعشاء والفجر ، وذا خلع ملابسه ، يتأكد أنه لايوجد هناك من يراه ، و تنمية الرقابة الذاتية لديه عن طريق تدريبه علي تغييرمحطات التلفزيون إذا ظهرت لقطات مخلة بالآداب ، و الفصل في النوم عن أخواته الفتيات .

 

ويجب ان تتضمن مناهج التربية الجنسية شرح طريقة تكون الجنين ، وأن الطريق الوحيد والسليمة في الإسلام له هو ، الزواج الشرعي مع توضح له أهمية الاحتشام للاولاد من الجنسين واهميةارتداء الحجاب للبنات والأسباب التي جاء من أجلها تحريم الخروج دون حجاب.

واهمية الانتباه لعدم الاختلاء بشخص أجنبي نظريا من خلال الصداقات والاتصالات وعملياً ايضا ،ويدخل في ذلك كل الاقارب مع بيان معني الخلوة المحرمة شرعاً،وشرح طريقة الغسل ، والطهارة،وأهمية ابتعادهم عن الفتيات اوالاولادممن يوزعون أفلاماً جنسية ، أو أرقام هواتف وبيان صفات الفتى والفتاة المسلمة صاحبة الأخلاق الراقية كمايوضح للجنسين أهمية غض البصر .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم