الأحد 28 أبريل 2024 / 19-شوال-1445

الأم العاقة!



ليس في العنوان خطأ، فقد قال الفاروق ـ رضي الله عنه ـ: (عققت ولدك قبل أن يعقك) ألقاها في وجه الأب الذي شكا إليه عقوق ولده، فلما علم بما صنعه الأب مع الولد، وما لم يصنعه مما كان يجب عليه أن يصنعه له، حقيقة تربوية: (العقوق قد يبدأ من الوالدين).

 

منذ بداية الأحداث السياسية التي فجرت الأوضاع في عدد من الدول العربية، تسربت بعض الظواهر الاجتماعية السلبية، ونما بعضها الآخر، حتى تضاعف، وليس هنا موطن فلسفة الأسباب، ولا حتى عرض تلك الظواهر، وإنما أقف عند واحدة فقط، كانت شبه مستحيلة الوجود في بيئة محافظة، متدينة، حتى وجدت عام 1996م في إحدى دول الخليج بمعدل: 1,5%، وفي ظرف خمس سنوات فقط أي عام 2001م تضاعفت عشرة أضعاف، حتى وصلت إلى 15%، تلك ظاهرة تدخين الأنثى، التي لا تختلف مستوياتها كثيرا في مختلف الأعمار، فمنذ الثالثة عشرة، أي بدخول المرحلة المتوسطة تبدأ الرحلة البائسة بالتقليد الأعمى لصديقات السوء، وأحيانا لمجرد التجربة، أو المظهرية، أو لأن الجو يتطلب ذلك في مناسبة ما، قد تكون رُتبت وراء الكواليس، أو في مقهى بناتي، بعيدا عن رقابة الأهل.

 

ولا عجب أن يتواكب ارتفاع معدلات التدخين الأنثوي مع ظاهرة (البويات)، فالتدخين مرتبط في الذهنية الخليجية بالذكور، وحين ترغب الفتاة في الاقتراب أكثر من عالم الذكور، فإن مما تختاره (التدخين)، حيث تمسك بالسيجارة مثل الرجل، وتتعامل معها مثله في شهيقها وزفيرها الملوث، ولا تستبعد تلك الصور التي التقطتها من الدراما الغربية، أو المقاطع الدعائية، التي تصور السيجارة نوعا من الأبهة، والإغراء الأنثوي للرجال، أو حتى مسربا من مسارب الألم والاكتئاب، أو للتخسيس، وكلها كذبات أشاعتها شركات التبغ المتاجرة بصحتنا ومستقبلنا.
والعجيب هو ارتباط زيادة المدخنات بالمدن الكبرى والمتحضرة أكثر في بلادنا العربية، على أنها على العكس تماما في الدول المتقدمة.
إن تدخن فتاة تائهة، لم تحدد معالم شخصيتها بعد، يمكن أن يحدث، ولكن أن تدخن المرأة الناضجة، بل (الأم)، فتلك جريمة من الجرائم في نظري؛ لأنها تتسبب في عدد من الأمراض والاضطرابات، بل وتدمير مستقبل الجنين الذي في بطنها، أو الطفل الذي بين يديها وعلى صدرها.
تدخين الحامل معناه أن الجنين يدخن، ومعنى أن يدخن، أن ينقص وزنه، أو لا يكتمل نموه، أو يصاب بالحساسية والالتهاب الرئوي المزمن، وأقسى من ذلك أن يصاب بضعف المناعة؛ فيكون نهبا للأمراض، والأخطار الصحية الرهيبة، وقد يتأخر نموه العقلي والحركي، وقد يصاب بأمراض القلب المختلفة.
(الأم العاقة) تلك التي تعاقب ولدها على تقصيره في دراسته، وهي التي تسببت في ضعف الانتباه والتركيز والضعف العقلي لديه بسبب تدخينها، كما أكدت مجموعة من الدراسات في عدد من دول العالم.
بل وصل عقوق (الأم المدخنة) إلى أن تقتل ولدها بسبب تدخينها، بعد أن أثبت الأطباء أن من أبرز أسباب موت الأطفال المفاجئ في الشهور الأولى هو تدخينها.
وليس الأمر قاصرا على الأجنة والرضع، بل إن تدخينها معناه أن جميع من في المنزل يدخن تدخينا سلبيا، ويتضررون كما يتضرر المدخنون.
تدخين الأم معناه أن تدخن البنت مستقبلا، أي أنها تصنع أما مدخنة أيضا؛ فهي جريمة تربوية مضاعفة.

Dr_holybi@ تويتر



تصميم وتطوير شركة  فن المسلم