السبت 04 مايو 2024 / 25-شوال-1445

أطفالنا والأجهزة الذكية



(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله …..

لا ينكر عاقل أن الهواتف الذكية أصبحت الآن تلعب دورا كبيرا في حياة الناس، فقد أصبحت وسيلة للتواصل الاجتماعي والترفيه والمعرفة، ونتيجة لذلك أصبحت تنتشر بين الأطفال والمراهقين بشكل لافت، وزادت المدة التي يمضونها مع تلك الأجهزة الأمر الذي دفع كثيرا من الأخصائيين وولاة الأمور لدق ناقوس الخطر من الآثار السلبية التي قد تترتب على هذا الاستخدام مطالبين بتقنينه .
أنه من المخيف أن تظهر دراسات تفيد بأن نسبة عالية من الأصفال يمتلكون أجهزة ذكية مستقلون عن أبائهم حيث ذكرت مؤسسة دوكمو اليابانية المتخصصة بهذا النوع من الدراسات أنها أجرت دراسة على خمس دول وكانت نتيجتها أن 70% من الاطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاما ممن شملتهم الدراسة يمتلكون هواتف نقالة مستقلة عن ذويهم.

 

 


وهذا يبعث في نفوس الأباء والمربون القلق الذي ينبغي أن يكون هناك خطوات جادة في إحتواء هذه الظاهرة الخطيرة يقول الخبير التربوي في مجال الأطفال والمراهقين د. يزن عبده إن للاستخدام المفرط للهواتف الذكية آثارا سلبية على نواحٍ أربع في نمو الأبناء: نموهم الجسدي، والذهني والانفعالي (العاطفي)، والاجتماعي.
وبين إن نمو التفكير التخيلي عند الطفل في سن الخامسة غاية بالأهمية كونه يعتبر المرحلة الثانية بعد التفكير الحسي ومرحلة تسبق وصول الطفل الى التفكير التجريدي، وأن الاستخدام المفرط لجميع الأجهزة الحديثة والذي يزيد على ساعة إلى ساعة ونصف الساعة يوميا يضعف من هذه القدرة النمائية في الجانب الذهني، كون هذه الأجهزة توفر له الخيال وبالتالي تشكل الصور الذهنية بطريقة آلية بغض النظر عن رغبة الطفل انتهى كلامه .


وعلى الرغم من بعض فوائدها ، إلا أن للأجهزة الذكية واستعمالاتها تأثيرات سلبية على الأطفال ولعلنا نسلط الضوء على بعض هذه السلبيات التى يواجهها أطفالنا من هذه الأجهزة :

يمكن تقسيم هذه السلبيات الى عدة أقسام رئيسه في بعض الجوانب :

أولاً الجانب الصحي :

إن تتعدد الأجهزة التكنولوجية التي يتنافس في استخدامها الاطفال, كالأجهزة السطحية اللمسية (الآي باد- الايبود – البلاك بيري وغيرها )لها تأثيراتها الصحيه فمنها :
1ـ التأثير سلبي على الذاكرة على المدى الطويل.
2ـ مساهمتها في انطواء الفرد وكآبته ولاسيما عند ملامستها حد الإدمان.
3ـ الجلوس أمام الكمبيوتر لفترة طويلة، قد يجعل بعض وظائف الدماغ خاملة، خاصة الذاكرة الطويلة المدى، بالإضافة إلى إجهاد الدماغ.
4ـ الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا، قد يزيد من صفات التوحد والانعزالية، وقلة التواصل مع الناس.
5ـ قد تتسبب الأجهزة التكنولوجية بأمراض عديدة وخطيرة كالسرطان، والأورام الدماغية، والصداع، والإجهاد العصبي والتعب، ومرض باركنسون (مرض الرعاش).


6ـ قد تشكل خطراً على البشرة والمخ والكلى والأعضاء التناسلية، وأكثرها تعرضاً للخطر هي العين، الأمر الذي يجدد التساؤلات حول كيفية التعامل مع هذا العصر التكنولوجي في الوقت الذي يوسع فيه قاعدة مستخدميه على مستوى العالم.
7ـ أمراض كالتشنج في عضلات العنق بالاضافة إلى أوجاع اخرى في العضلات التي تظهر من الجلوس المطول وغير الصحيح.
8ـ استخدامها كثيرا يترافق بانحناء في الرأس والعنق، مقارنة مع أجهزة الكومبيوتر العادية التي تستخدم في المكاتب، لذا فهي تثير قلقاً حقيقياً حول تشكل أوجاع في العنق والكتفين.
9ـ الكسل والخمول الجسدي والفكري، والهذيان الذهني، الذي يترتب اثناء الجلوس ساعات مطولة أمام التلفاز فهم يخافون من الخروج ولا يشعرون بالأمان، بل يصبحون أكثر أنانية وشحاً في تعاملهم مع جيرانهم ويميلون إلى العدوانية المفرطة.
10ـ هناك دراسات سابقة أظهرت أن %90 من الاشخاص الذين يستخدمون االأجهزة الذكية بشكل مستمر يعانون من مشاكل في العين.

وفي هذا الصدد وجدت دراسة جديدة أن الهواتف الذكية التي تستخدم فيها شبكة الانترنت يمكن أن تتسبب بإجهاد العين وبالصداع.
وقد كشف العلماء مؤخراً أن الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة الموجودة في هذه الألعاب يتسبب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال، وحذر العلماء من الاستخدام المستمر والمتزايد لألعاب الكمبيوتر الاهتزازية من قبل الأطفال لاحتمال ارتباطه بالإصابة بمرض ارتعاش الأذرع وقد انتشر في مواقع التواصل الإجتماعي مقطع يظهر طفلاً في العاشرة من عمرة وهو يعاني من تحرك لاإرادي من مكانه وذلك بقفزه بشكل تلقائي من كرسيه ومن فراشه أثناء نومه وسقوطه من سريره تقول والدته أن هذه الحالة تنتابه في اليوم قرابة (100) مره وهذا أمر مخيف ومحزن .


ثانياً : الجانب السلوكي :
أما عن الآثار السلوكية التي تخلفها ألعاب الصراعات والحروب، فتتمثل في تعزيز ميول العنف والعدوان لدى الأطفال والمراهقين، حيث إن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين والتدمير، والاعتداء عليهم من دون وجه حق، وبذلك يصبح لدى الطفل أو المراهق أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها من خلال تنمية عقولهم وقدراتهم ومهاراتهم العدوانية التي يترتب عليها في النهاية ارتكاب جريمة، وهذه القدرات مكتسبة من خلال الاعتياد على ممارسة تلك الألعاب خصوصاً أن إدي الدراسات تشير الى أن الذي يزاول هذه .


إن ظهور السلوكيات السلبية مثل العنف والقسوة وضرب الإخوة الصغار وعدم سماع الإرشاد والتوجيهات والتمرد وضعف في عضلات المثانة والتبول اللاإرادي، وضعف في الأعصاب وخمول وكسل في العضلات، وإمساك بسبب الجلوس المستمر واللعب بالألعاب الإلكترونية.

ثالثاً الجانب النفسي :
يقول الطبيب النفسي د. أشرف صالحي أن أحد أخطر الأمراض التي تصيب الأطفال بسبب الاستخدام الخاطئ لهذه الهواتف هو “التوحد الوظيفي” والناتج عن تعلق الطفل بعالم افتراضي وانعزاله عن محيطه الاجتماعي خاصة في حالات الآباء والأمهات العاملين وكثيري الغياب عن المنزل، وترك الطفل نهبا للأجهزة التقنية الحديثة .

رابعاً : الجانب الإجتماعي :
أما من الناحية الاجتماعية فإن الدراسات تدل على أن المهارات الاجتماعية تضعف وتصاب بالتراجع بما يقارب نسبة 65% من الأصل الذي يجب أن تكون عليه بمرحلة الطفولة من سن خمس إلى عشر سنوات، ومن ذلك أن نسبة العدوانية الاجتماعية تزداد بشكل واضح، كون الطفل يشاهد هكذا مشاهدات وبالتالي يحاكيها ويسقطها على حياته.
يقول الدكتور يزن عبده الخبير التربوي في مجال الأطفال والمراهقين : هناك أطفال على النقيض من ذلك يصابون بالخجل والانطوائية جراء عدم نمو المهارات الاجتماعية من الحديث والتواصل الاجتماعي الجسدي كالسلام باليد، ومن التواصل الاجتماعي الإيمائي كالابتسامة وغيرها.


وفي الختام أنصح بعدة نقاط لعلاج هذه الظاهرة منها:
1-منع الأطفال دون سن العاشرة من إستخدام هذه الأجهزة بشكل مفرط بل المنع التام هو الأفضل وإشغالهم بما هو مفيد لهم من ألعاب رياضية وحركية ورسم وقراءة ويمكن تحديد ساعة في اليوم لمن هم فوق السابعة كحد أقصى للعب بها بإشراف من الوالدين أوأحدها .
2-وضع حساب موحد على الأيتونز بإسم أحد الوالدين لجميع الأجهزة الموجودة لدى الأبناء حتى يكون الوالدان على دراية بما يتم تحميله .


3-أبعاد الأجهزة كلياً عند النوم وذلك تجنباً لسهر الأبناء عليها في ضل غياب الوالدين .
4-من المهم أن يكون الوالدان على علم ودراية بما يكون في هذه الأجهزة وطريقة استخدامها وستخدام البرامج فيها حتى لو اضطر الاب أو الأم للجلوس مع الإبن ليشرح لهم كيفية أستخدامها .


5-فتح جلسة حوارية بين الفينة والأخرى بين الأباء والأبناء للحديث عن ما استفادوه من الأجهزة وهذا بالنسبة لمن جاوز الثانية عشر من العمر سواء من الأبناء أو البنات .
6-توعية الأبناء بمخاطر هذه الأجهزة وبرامج التواصل الإجتماعى وتفحص حساباته كل فترة سواء (الإنستقرام أو التويتر أو الفيس بوك )أو غيرها من برامج التواصل الكثيرة والموجودة وتحذيرهم من عدم قبول أي صداقات لايعرفونها ومكاشفتهم ببعض الحوادث التى وقع ضحيتها الكثير من الشباب والفتيات بسبب التساهل في ربط علاقات مع مجهولين في هذا العالم .

أرجو من كل أب وكل أم استودعهم الله لهذه الأرواح البريئة أن يتقي الله فيهم وأن يحرص عليهم فإننا مسؤولون أمام الله عنهم يقول عليه الصلاة والسلام (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) 
أسأل الله أن يحفظ علينا أبنائنا وأن يصلح لنا ذريتنا إنه جواد كريم …

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم