السبت 27 يوليو 2024 / 21-محرم-1446

موهوب ولكن ..



                                              موهوب ولكن ..                      

                                                                              أ. فوزان بن عبد الرحمن الفوزان .
      http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRHzaXHNQWU1ysyrle7uvcRBbbkmsIQ4E4DpsoHInZ12H4ZSYDt 

خلق الله البشر وجعلهم متفاوتين ومختلفين في ألوانهم وأشكالهم؛ بل وفي قدراتهم الجسمية والعقلية؛ وهو ما يطلق عليه بالفروق الفردية وهذا التفاوت له حِكَمٌ كثيرة لعمارة الأرض، لذلك حرصت المجتمعاتُ منذ القِدَم على الأفراد الذين يتميزون بقدرات ومواهب عالية لدورهم المؤثر والمتميز في رُقي مجتمعاتهم في شتى المجالات، فثروة الأمم لا تقاس بما في باطن أرضها فقط؛ بل بأبنائها وعقولها المنتجة. إلاَّ أنَّ هذه الثروة المتمثلة في الموهوبين تحتاج إلى عناية ورعاية لتؤتي ثمارها، وهذه العناية ستنعكس حتماً على المجتمع بكل فئاته وتستثمر كل ثرواته.

وحين أُريد أنَّ أُوضح معنى الموهوب فإنَّ الأمر يحتاج إلى بسط وتفصيل لا تكفيه هذا المقالة إلاَّ أني سأذكر ذلك بصورة إجمالية. فالموهبة لغة كما في المعجم الوسيط هي الاستعداد الفطري لدى المرء للبراعة في فنٍ أو نحوه، أما اصطلاحاً فهناك تعاريف متعددة اختلفت بسبب اجتهاد العلماء والتربويين من أجل تطوير الوسائل اللازمة للتعرف على القدرات العقلية للإنسان في محاولة لتفسير مقومات وخصائص الذكاء والتفوق والإبداع.

أوجد العلماء المهتمون بالموهبة معاييرَ للتعرف على الموهوبين منها نسبة الذكاء والمهارات الإبداعية والتحصيل الأكاديمي والدافع للإنجاز، ثم أوجدوا أيضاً خصائص وسمات سلوكية تميز الموهوب عن غيره.

فمن التعريفات المعتبرة للموهبة : تعريف جوزيف رنزولي الذي يٌعرف الموهوب بأنه الشخص الذي يتمتع بنسبة ذكاء تزيد عن المتوسط كما تقاس بواسطة اختبارات الذكاء الفردية أو الجماعية؛ ودرجة من الإبداع كما تقاس بواسطة اختبارات الإبداع؛ و الالتزام بأداء العمل. وأوضح تيسير صبحي أن الالتزام بالعمل يتجسد في التحصيل الأكاديمي، ثم أضاف قائمة من السمات والخصائص السلوكية كما تقاس بواسطة قوائم الرصد.

ويُعرف الموهوبون أيضاً بأنهم الطلاب الذين يوجد لديهم استعدادات وقدرات غير عادية، أو أداء متميز عن أقرانهم في مجال أو أكثر من المجالات التي يقدرها المجتمع وبخاصة في مجالات التفوق العقلي والتفكير الابتكاري والتحصيل العلمي والمهارات والقدرات الخاصة، ويحتاجون إلى رعاية تعليمية خاصة.

خصائص وسمات الموهوب

يتميز الموهوب بحبه للاستطلاع والنقد، ولديه أفكار وحلول لمشاكل عديدة، وهو ذو ثقة كبيرة بنفسه ويعبر عما في خاطره بوضوح ويتحمل المسئوليات، ويسعى إلى إتقان الأعمال ويحرص عليها ولا يحتاج إلى دفع خارجي، بل هو ذاتي البحث والتعلم والعمل، ويتصف الموهوب بدقة الملاحظة ورؤية التفاصيل ومنها أيضاً أنه يمتلك حصيلةً كبيرة من المعلومات في مواضيع شتى، ويرى الأشياء من زوايا مختلفة ويقيس ويحلل الأمور المعقدة، ويدرك الموهوب العلاقات والترابط بين الأفكار والأشياء المختلفة، أو التي تبدو مختلفة، ويتميز الموهوب بحبه للقراءة في مواضيع تفوق سنه.

ولا يلزم من توافر كل هذه الخصائص في فرد ليوصف بالموهبة، إنما هذه صفات تكون في الغالب لدى الموهوبين، ويرى عبدالله الجغيمان أنَّ بعض الاتجاهات الحديثة تنظر للموهبة على أنها سلوك وليست خاصية مطلقة يتمتع بها فرد بعينه، أي أنَّ الأفضل تربوياً الحديث عن سلوك معين بأنه دلالة على موهبة في مجال محدد؛ بدلاً من وصف الإنسان ذاته بأنه موهوب.

رعاية الموهوبين

اتضح لنا أنَّ الموهوبين لهم سمات وخصائص حباهم الله بها تميزهم عن أقرانهم، وهذه الصفات والمميزات ليست من أجل المباهاة والتفاخر؛ إنما لها تبعات ولها احتياجات.
فمثلاً .. كون الموهوب يتميز بسرعة التعلم والفهم؛ استلزم ذلك سرعة التعليم والانتقال إلى مستوى أرفع سابقاً أقرانه ومن هم في مثل عمره الزمني وهكذا. والطالب الموهوب يحتاج إلى مهارات في التفكير تساعده على الاستفادة المثلى من قدراته الكامنة، ويحتاج أيضاً إلى إدخال تعديلات وإضافات في المناهج المقررة لتلائم احتياجاته وقدراته.
يا ترى كم في بيوتنا ومدارسنا من الموهوبين والموهوبات ؟ هل تم اكتشافهم ؟ هل تمت رعايتهم ؟ هل هناك تنسيق بين مدارسنا وجامعاتنا لرعاية وتتلمذ الموهوبين على أساتذة ومهندسي الجامعات؟

هل الموهبة والاختراعات تقتصر على الجوانب التقنية البحتة فقط؟ أم أنَّ هناك موهبة أدبية وقضائية ومالية ؟

أسئلة تحتاج إلى إجابات عملية لأننا إذا استثمرنا الموهوبين في بلدنا الغالي بكل أعدادهم وأطيافهم ؛ فإن جيلنا الحالي سينتفع وأجيالنا في المستقبل؛ ونصبح أصحاب ثروات تحت التراب وفوقه أيضاً.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم