آثار وبصمات :
اهتم العلماء كثيراً في بيان آثار اللعب في حياة الأطفال. فهذا عالم النفس الألماني كارل بيولر يؤكد على أهمية اللعب في النمو العقلي للطفل، وهذا العالم الروسي ماكارينكو يؤكد التأثير البالغ للعب في تكوين شخصية الطفل.
فمن الناحية الجسمية:ينمي اللعب العضلات ويقوي الجسم ويصرف الطاقة الزائدة عند الطفل. ويرى بعض العلماء أن هبوط مستوى اللياقة البدنية وهزال الجسم وتشوهاته هي بعض نتائج تقييد الحركة عند الطفل لأن البيوت الحالية المؤلفة من عدة طوابق قد حدت من نشاط
الطفل وحركته فهو يحتاج إلى الركض والقفز والتسلق وهذا غير متوافر في الطوابق الضيقة المساحة، فمن خلال اللعب يحقق الطفل التكامل بين وظائف الجسم الحركية والانفعالية والعقلية التي تتضمن التفكير ويتدرب على تذوق الأشياء ويتعرف على لونها وحجمها وكيفية استخدامها.
من الناحية العقلية:اللعب يساعد الطفل على أن يدرك عالمه الخارجي وكلما تقدم الطفل في العمر استطاع أن ينمي كثيراً من المهارات في أثناء ممارسته لألعاب وأنشطة معينة، ويلاحظ أن الألعاب التي يقوم فيها الطفل بالاستكشاف والتجميع وغيرها من أشكال اللعب الذي يميز
مرحلة الطفولة المتأخرة تثري حياته العقلية بمعارف كثيرة عن العالم الذي يحيط به، يضاف إلى هذا ما تقدمه القراءة والرحلات والموسيقى والأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية من معارف جديدة.
روح جماعية :
اللعب يساعد على نمو الطفل من الناحية الاجتماعية ففي الألعاب الجماعية يتعلم الطفل النظام ويؤمن بروح الجماعة واحترامها ويدرك قيمة العمل الجماعي والمصلحة العامة، وإذا لم يمارس الطفل اللعب مع الأطفال الآخرين فإنه يصبح أنانياً ويميل إلى العدوان ويكره
الآخرين لكنه بوساطة اللعب يستطيع أن يقيم علاقات جيدة ومتوازنة معهم وأن يحل ما يعترضه من مشكلات ضمن الإطار الجماعي وأن يتحرر من نزعة التمركز حول الذات.
نظام أخلاقي :
يسهم اللعب في تكوين النظام الأخلاقي المعنوي لشخصية الطفل. فمن خلال اللعب يتعلم الطفل من الكبار معايير السلوك الخلقية كالعدل والصدق والأمانة وضبط النفس والصبر. كما أن القدرة على الإحساس بشعور الآخرين تنمو وتتطور من خلال العلاقات الاجتماعية التي
يتعرض لها الطفل في السنوات الأولى من حياته. وإذا كان الطفل يتعلم في اللعب أن يميز بين الواقع والخيال فإن الطفل من خلال اللعب وفي سنوات الطفولة الأولى يظهر الإحساس بذاته كفرد مميز فيبدأ في تكوين صورة عن هذه الذات وإدراكها على نحو متميز عن ذوات الآخرين رغم اشتراكه معهم بعدة صفات.
قيمة تربوية :
لا يكتسب اللعب قيمة تربوية إلا إذا استطعنا توجيهه على هذا الأساس لأنه لا يمكننا أن نترك عملية نمو الأطفال للمصادفة، فالتربية العفوية التي اعتمدها روسو لا تضمن تحقيق القيمة البنـــائية للعب وإنما يتحقق النمو السليم للطفل بالتربية الواعية التي تضـــع خصـــائص نمو الطـفل ومقومات تكوين شخصيته في نطاق نشاط تربوي هادف.
الأطفال واللعب :
يختلف الأطفال عن بعضهم البعض في أساليب التجاوب والتفاعل مع اللعب.
اللعب أنواع :
● اللعب التعاوني : اللعب الجماعي: يكون في المرحلة الأولى أي الابتدائية، وهو الذي يشكل نوعاً من اللعب المفيد والجيد لدى الأطفال لأنهم يتشاركون جميعاً في لعبة واحدة، خاصة التي تفيدهم في إبراز قدراتهم الذهنية والعقلية فترى البعض منهم مميزاً عن الآخر، ويكون هناك عادة في هذا النوع من اللعب قائد للمجموعة.
● اللعب التناظري: يلعب الطفل وحده فيتحدث للعبة وكأنها شخص حقيقي، ويعد لعباً تعويضياً للأطفال الذين لا يلعبون مع المجموعات
● اللعب بالمشاركة: يتشارك مجموعة من الأطفال في لعبة معينة لكن دون قائد.. كالسير في طابور أو ترتيب الألعاب.
●اللعب الإيهامي : يظهر في الشهر الثامن عشر من عمر الرضيع، ويصل للذروة في العام السادس فتجده يلعب ألعاباً مثل “بيت بيوت” أو “عروس وعريس”، “شرطة و حرامي”. وللعب الإيهامي فوائد كثيرة، فهو ينمي الطفل معرفياً واجتماعياً وانفعالياً، ويساعد على تطوير
ويعدّ اللعب الإيهامي لعب التوهم شكلاً شائعاً في الطفولة المبكرة.
● اللعب الاستطلاعي: ينمي الطفل معرفياً.. إذ يميل بعض الأطفال إلى تفكيك بعض الألعاب والبحث في تفاصيلها وربما كسرها للتعرّف على ما تحتوي عليه.. وكلما كانت اللعبة معقدة أثارت اهتمام الطفل.
●التركيب: تشكل الألعاب التركيبية منهاجاً تعليمياً تكسب الأطفال نماءً متعدداً، يتمثل في التخيل والتصور والتفكير والإبداع والتذكر والإرادة وزيادة إدراكهم لمفاهيم الأشياء وطبيعة المواد، مما يساعدهم على حل المسائل الحياتية وعلى التفكير المبدع.
مشاركة الأم :
لعب الأم مع طفلها يؤثر بشكل كبير في تكوينه النفسي والتربوي. لذا فعلى الأم مسؤولية تجاه أطفالها أكبر من مجرد إطعامهم وتلبية حاجياتهم المادية.
فقد أثبتت الأبحاث التربوية أن فوائد اللعب في حياة الطفل تتجلى في أن اللعب يشكل له طريقته الخاصة التي تمكنه وتساعده على اكتشاف العالم والناس الذين يحيطون به، واكتشاف عدة أشياء في نفسه، وفرصة للأم لاكتشاف مجموعة من الأمور عن قدراته، ولا تتوقف فوائده عند هذا الحد، فهو وسيلة ناجعة جداً في تحقيق توازنه النفسي والجسدي.
ومن الضروري للأم محاولة مداعبة الطفل واللعب معه كلما أتيحت الفرصة، وكذلك محاولة إيجاد وقت للعب معه بكل طريقة ممكنة سواء بتجسيد اللعب في الفناء أو بعض الحركات أو حتى عن طريق ألعاب القماش لما لذلك من أثر في تطوره الجسماني والاجتماعي ومنحه الأمان والثقة، وبالتالي إثراء مقدرة اللغة عنده وهذا يتحقق بفضل الطلاقة والمرح المنزلي.
اللعب والأطفال :
للعب في حياة الأطفال عدة فوائد نذكر منها ما يلي :
● نمو مهارة جمع المواد بحرص ودأب عند الطفل لكي يجعل منها شيئاً تعبيرياً يثير اهتمامه وشغفه.
●الرسم الحر بالأقلام والتعبير الحر عما يراود الطفل من أفكار في رسومه.
● نمو مهارة الإجابة عن الأسئلة الموجهــة إلى الأطفـــــال وتكــوين الجمل المفيـــدة والتعبــــير الحر المبــــاشر عن أفكارهم.
● نمو مهارة عقد علاقات قائمة على الصــداقة والود مع الأطفال والكبار ممن لا يعرفونهم.
● سلوك اجتماعي ناضج في علاقاتهم مع الأطفال الآخرين.
● التمكن من مهارات الكتابة بسرعة ونظافة وإتقان.
●القدرة على تركيز الانتباه على الأعمــــال المطــلوب القيام بهـا من قبل الأطفال.
● اكتساب مهارات جســــمية حـــركية والإفــادة من تدريبات الألعاب الرياضية.
● الانتظام في إنجاز الأعمال والواجبات المطلوبة منهم بدقة وفي المواعيد المحددة.
اللعب وذوو الاحتياجات الخاصة :
تعد اللعبة جزءاً مهماً من عالم الأطفال، والطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة هو الأكثر احتياجاً إلى لعبة تنمي قدراته الذهنية والبدنية، فهذا الطفل قد تحرمه ظروفه من ممارسة الأعمال البدنية التي يمارسها أقرانه، لذلك علينا أن نختار له اللعبة التي تناسبه حتى لا يشعر
بأي نقص عنهم، وليس جديداً القول بأن لعب الأطفال يعد الطريق الأمثل للتفكير الصحيح، وسلامة البدن والعقل والثقة بالنفس، ومواجهة مصاعب الحياة في المستقبل، وهو أيضاً من المتع الأســـاسية، فالأطفال المحرومون من اللعب هم في الحقيقة أطفال بلا طفولة. هذا ما يؤكده علماء النفس والتربية.
ألعاب الفيديو :
أظهرت دراسة ميدانية حديثة أجريت في الولايات المتحدة أن مثل تلك الألعاب المغرية للطفل تقلل من نشاطهم البدني إلى أقل درجة ممكنة، وتزيد خمولهم وكسلهم. أما النتيجة المترتبة على ذلك والتي كشفت عنها الدراسة، فهي: زيادة وزن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين
6، 71 سنة، ومثل هؤلاء الأطفال يكونون عرضة للإصابة بالأمراض المصاحبة للسمنة كأمراض القلب، والسكري، والمشكلات الصحية والاجتماعية الأخرى.
ويعتبر التـــربويـون أن اللعبــــة التي لا تحقق شروط النمو بجوانبه المختلفة لعبة غير صحية وغير سليمة، لأن الطفل كي يحقق تجربة الحياة بكل معانيها من خلال اللعب لابد أن تحقق اللعبة له النمو في كل الجوانب الروحية، والخلقية والنفسية، والاجتماعية والجسمية الحركية، والعقلية.
وتنصح الدكتوره بولاليفاين العالمة النفسية الوالدين أن يتركوا أطفالهم يمارســــون اللعب التلـــقائي، فهذه النوعية من اللعب تجعل الأطفال ينفسون عن طاقاتهم الكامنة بصورة صحيحة وسليمة وسريعة.
إن عقل الطفل يعمل مع اللعب، ويحدث ذلك بشكل غير ملحوظ مثلما يحدث في الأفعال غير الإرادية التي لا تقع تحت سيطرة التفكير، فالعودة إلى التلقائية لنمو العقل – من اللعب – أمر ضروري، خاصة في المراحل الأولى لنمو الطفل.
اللعب والتعلم :
أكدت البحوث التربوية أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به من خلال لعبهم التمثيلي الحر، واستعمالهم للدمى والمكعبات والألوان والصلصال وغيرها، ويعتبر اللعب وسيطاً تربوياً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة،
الأطفال لتنمية سلوكهم وقدراتهم العقلية والجسمية والوجدانية، ويحقق في الوقت نفسه المتعة والتسلية، وأسلوب التعلم باللعب هو استغلال أنشطة اللعب في اكتساب المعرفة وتقريب مبادئ العلم للأطفال وتوسيع آفاقهم المعرفية.
اللعب والتعلم :
● إن اللعب أداة تربوية تساعد في إحداث تفاعل الفرد مع عناصر البيئة لغرض التعلم وإنماء الشخصية والسلوك.
● يمثل اللعب وسيلة تعليمية تقرب المفاهيم، وتساعد في إدراك معاني الأشياء.
● يعد أداة فعالة في تنمية احترام القوانين والقواعد والالتزام بها.
● يعتبر اللعب طــــريقة علاجية يلجأ إليها المربـــون لمســـاعدتهــم في حل بعض المشـــــكلات التي يعاني منها بعض الأطفال.
● يشكل اللعب أداة تعبير وتواصل بين الأطفال. يتعلمون من خلاله التعاون واحترام حقوق الآخرين. تعمل الألعاب على تنشيط القدرات العقلية وتحسن الموهبة الإبداعية لدى الأطفال وتكسبهم الثقة بالنفس والاعتماد عليها، وتسهل اكتشاف قدراتهم واختبارها.
الألعاب التربوية :
● الدمى: مثل أدوات الصيد،السيارات والقطارات، العرائس، أشكال الحيوانات، الآلات، أدوات الزينة.. الخ.
● الألعاب الحركية: ألعاب الرمي والتركيب، السباق، القفز، المصارعة، التوازن والتأرجح، الجري، وألعاب الكرة.
● ألعاب الذكاء: مثل الفوازير، حل المشكلات، الكلمات المتقاطعة..إلخ.
● الألعاب التمثيلية: مثل التمثيل المسرحي، لعب الأدوار.
● ألعاب الحظ: الدومينو، الثعابين والسلالم، ألعاب التخمين.
● القصص والألعاب الثقافية: المسابقات الشعرية، بطاقات التعبير.
ولابد من توافر بعض الشروط في لعبة الطفل، منها :
● اختيار ألعاب لها أهداف تربوية محددة وفي الوقت نفسه مثيرة وممتعة.
● أن تكون قواعد اللعبة سهلة وواضحة وغير معقدة.
● أن تكون اللعبة مناسبة لخبرات وقدرات وميول الطفل.
● أن يكون دور الطفل واضحاً ومحدداً في اللعبة.
● أن تكون اللعبة من بيئة الطفل.
● أن يشعر الطفل بالحرية والاستقلالية في اللعب.
نادراً ما يدقق الآباء في اختيار اللعبة لأطفالهم، رغم أن لكل بنية جسمية وقدرات عقلية ومهارات حركية ما يناسبها من اللعب، فمن حيث المبدأ يرغب الطفل في اللعبة التي يمكن أن يصنع منها مواقف حياتية: يهدهدها، يحاورها، يعاتبها..إلخ، ولذلك كلما أثارت اللعبة خيال الطفل زاد تفاعله معها وسعادته بها.
ويؤكد خبراء الطفولة أن اللعبة التي يصنعها الطفل بنفسه هي التي تنمي قدراته وتشبع رغباته، فالمكعبات يمكن للطفل أن يصنع منها أشكالاً هندسية ومباني وجسوراً وبيوتاً وكل ما يمكن أن يتفتق عنه ذهنه، وهي بذلك تكسبه سعادة تحقيق الهدف وترفع ثقته بنفسه.
ومن المهم أن يدرك الآباء اختلاف الخيارات بين الذكور والإناث من أطفالهم في اختيار اللعب، فالذكور غالباً ما يفضلون اللعب التي ترمز إلى القوة كالطائرات والسيارات والقطارات..إلخ، أما البنات فيفضلن العرائس، ومن وجهة نظر شخصية يمكن القول: إنه لا ضير في أن
وتفادي التباعد في العلاقات الاجتماعية بينهم، إلا أن هناك قاسماً مشتركاً بين الإناث والذكور، هو أنهم يفضلون أن يتولوا قيادة اللعبة بأنفسهم بلا تدخل من الوالدين اللذين عليهما أن يحترما هذه الرغبة وأن يكون تدخلهما بغرض المساعدة عند اللزوم ليس أكثر.
كما تختلف اللعبة المناسبة باختلاف عمر الطفل، فالرضع تناسبهم ألعاب الطيور، والأطواق الملونة، والحيوانات المصنوعة من القطن، واللعب التي تعوم في الماء، فهي تسهل مهمة الأم أثناء حمام الطفل، أما أطفال الثالثة من العمر أو الرابعة فتناسبهم لعب العروسة وعربات
المثلجات والهاتف الذي يرن، وكلما كبر الطفل كان من الأفضل أن نزوده باللعب التي تثير خياله ويصممها بنفسه.
ويقف كثير من علماء النفس ضد ألعاب المسدسات والمدافع والطائرات وغيرها من ألعـــاب الحـرب. لأنها تجعل الطفل عدوانياً عنيفاً.
اللعبة المناسبة :
● وفري لطفلك لعبته المفضلة التي تتناسب مع شخصيته وحالته النفسية فمثلاً إذا كان طفلك يشعر بالتوتر والقلق فيمكنك توجيهه نحو لعبة معلقة تشبه البالون مصنوعة من المطاط بحيث يبدأ في ضربها عدة مرات حتى يخف توتره، أما الطفل الذي يعاني من الملل فتعتبر الدمية المتحركة أفضل لعبة له كي يستعيد نشاطه وحيويته.
● إذا كان طفلك يستعمل ألعاباً للركوب عليها كالدراجة وغيرها فهناك بعض المواصفات التي يجب أن تتوافر بها، منها أن تكون مصنوعة من مادة لا تصدأ، وغير قابلة للكسر وتقاوم الاحتكاك، ومتوازنة عند حركتها وتوقفها لتأمني سلامة طفلك.
إلى ساعة لذا ينبغي عليك أن تخفي بعض الألعاب لوقت معين ثم تظهريها بعد فترة لتكون بالنسبة لطفلك كاللعبة الجديدة .
_______________
المصدر : مجلة أهلا وسهلا .