الأربعاء 16 أكتوبر 2024 / 13-ربيع الثاني-1446

العنف الأسري.. المفهوم والإدارة والإبلاغ



 

تعريف الأسرة بأنها تكوين اجتماعي متماسك وملتزم بعلاقة قوية، ويرتبط وينتمي أفرادها بالدم والتزاوج ومكونة من شخصين أو أكثر من الأب والأم والأبناء والبنات الذين يعيشون مع بعضهم تحت سقف واحد، ويهتمون ببعضهم في علاقة أسرية متناغمة. قد يوسع ويمتد هذا التعريف ليشمل والدي الوالدين في الأسر الممتدة الكبيرة.

ما يهمنا في هذا التعريف هو الناحية الدينية الشرعية الصريحة، ولا شيء آخر غيرها يؤخذ في الاعتبار مثل تعريف الأمم المتحدة. الأسرة ركيزة مهمة في الحياة لجميع أفرادها، فهي الداعم لهم معنوياً واجتماعياً واقتصادياً.

– يلتقي أفراد الأسرة المتماسكة في القيم والعادات والتقاليد المشتركة، وعادةً يكون بينهم انسجام وتوافق، ناهيك عن الثوابت الدينية. كلما كانت الثوابت والقيم الدينية قوية زاد التماسك بين أفراد الأسرة، سواءً كانت نووية أو ممتدة. والمقصود بالأسرة الممتدة تلك التي فيها عدة أجيال، أما الأسرة النووية فإنها صغيرة تشمل الزوجين بدون أطفال، أو الأب والأم وطفلا واحدا، أو الأم ومعها طفل واحد أو الأب ومعه طفل واحد.

– السلوك الإنساني الإيجابي بين أفراد الأسرة يتمثل في المودة والمحبة والرحمة والانسجام والتعاون والتكافل، لكن أحياناً في بعض الأسر قد لا يستمر هذا السلوك الإيجابي لأسباب عديدة منها تعقيدات الحياة وضغوطها، كذلك للثقافة المجتمعية المحلية تأثير سلبي في سلوكيات بعض أفراد الأسرة في أمور عديدة ما يؤثر في اللحمة الأسرية بالتحوّل إلى السيطرة والهيمنة في القرار. وللعولمة والتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي والثقافي بين الأمم تأثير قد يكون سلبيًّا.

– قد يسيطر أحد أو بعض أفراد الأسرة على البقية، خاصة عندما يعتقد المسيطر أنه يجب ألا تكون للآخر حرية الانطباع والتصرف والسلوك والرأي في قراراته الشخصية ما ينتج عن ذلك أذى جسدي ونفسي يُعرف بالعنف الأسري. وقد يرى الشخص الذي يعنف أيًّا من أفراد الأسرة أن له الحق في ذلك على الشخص الذي يقع عليه العنف. بالطبع العنف يولّد مشاكل أسرية، وربما تنتج عنه جرائم وانعكاسات نفسية وتفكك أسري وضعف في ذات وشخصية الذي وقع عليه التعنيف الأسري. غالبًا ما يعتقد البعض خطأً أن العنف الأسري يصف الاعتداءات الجسدية وسوء المعاملة فقط، لكنه أبعد من ذلك ليشمل البُعد النفسي من لفظ وتهديد وتخويف وإهانة وعزلة وإكراه على فعل شيء من غير إرادة الشخص الذي يقع عليه التعنيف. يُعد إهمال كبار السن وإلحاق الأذى بهم بجميع أشكاله ظاهرة متنامية في بعض الأسر في السنوات الأخيرة لأسباب أهمها ضعف الوازع الديني والترابط الأسري والقيم المجتمعية السامية التي كانت تميّز مجتمعنا عن غيره من المجتمعات البشرية حول العالم.

من هذا المنطلق، اهتمت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ممثلة بالتنمية الاجتماعية بحماية الأسرة من العنف الأسري، بحيث وفرت مركز بلاغات العنف الأسري لاستقبال الشكاوى من الذين يتعرضون للعنف الأسري ليتم التعامل مع الحالات باهتمام ومهنية عالية. تهدف خدمة الإبلاغ عن العنف الأسري إلى تمكين المواطنين والمقيمين من الوصول إلى المساعدة في حال تعرضهم أو أي شخص آخر للأذى من قِبَل مَن يعنفهم. ويتيح الإبلاغ عن سوء المعاملة إما عن طريق تطبيق الجوال الموحّد أو الاتصال على مركز العنف الأسري. وتكون خطوات الاتصال على مركز بلاغات العنف الأسري من خلال الرقم المجاني (1919) على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع أو إرسال بريد إلكترونيّ إلى [email protected] أو عبر تطبيق وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية (1919)، وتحرص الوزارة على أولوية سلامة الأشخاص من خلال حمايتهم من تكرار العنف.

—————————————

بقلم أ. د. عبدالوهاب القحطاني

المصدر : صحيفة اليوم ( السعودية )

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم