الأربعاء 16 أكتوبر 2024 / 13-ربيع الثاني-1446

إلى من ينام عن صلاة الفجر



 

الشيخ : أمير بن محمد المدري

أخي الحبيب:

صلاة الفجر تشكو من قلة المصلين فيها مع أنها صلاة مباركة مشهوده أقسم الله بوقتها فقال: (والفجر وليال عشر)الفجر . وقال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) الإسراء

أخي الحبيب:

كم أجور ضيعتها يوم نمت عن صلاة الفجر كم حسنات ضيعتها يوم سهوت عن صلاة الفجر أو أخرتها كم من كنوز فقدتها يوم تكاسلت عن صلاة الفجر.

1- صلاة الفجر تعدل قيام ليلة كاملة.

يقظة من قيام + إجابة للأذان + صلاة مع أهل الإيمان = ثواب قيام ليلة.

قال – صلى الله عليه وسلم-: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله) أخرجه مسلم.

2 – الحفظ في ذمة الله لمن صلى الفجر.

فعن أبو ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله) رواه مسلم.

نعم إنها ذمة الله ليست ذمة ملك من ملوك الدنيا إنها ذمة ملك الملوك ورب الأرباب وخالق الأرض والسماوات ومن فيها ومن وصف نفسه فقال: (والأرض قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه – سبحانه وتعالى – عما يشركون) الزمر.

ذمة الله التي تحيط بالمؤمن بالحماية له في نفسه وولده ودينه وسائر أمره فيحس بالطمأنينه في كنف الله وعهده وأمانه في الدنيا والآخرة ويشعر أن عين الله ترعاه.

وإذا العناية لا حظتك عيونها  ***  نم فالمخاوف كلهن أمان

فاستمسك بحبل الله معتصما  ***  فإنه الركن إن خانتك أركان

اللهم احفظنا بحفظك ورعايتك وكن لنا معينا ومؤيدا وناصراً وكافيا

كن من رجال الفجر، وأهل صلاة الفجر، أولئك الذين ما إن سمعوا النداء يدوي، الله أكبر، الله أكبر، الصلاة خير من النوم، هبّوا وفزعوا وإن طاب المنام، وتركوا الفرش وإن كانت وثيرًا، ملبين النداء، فخرج الواحد منهم إلى بيت من بيوت الله – تعالى -وهو يقول: ((اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل من فوقي نورًا)) فما ظنك بمن خرج لله في ذلك الوقت، لم تخرجه دنيا يصيبها، ولا أموال يقترفها، أليس هو أقرب إلى الإجابة، في السعادة يعيشها حين لا ينفك النور عنه طرفة عين.

3- صلاة الفجر جماعة نور يوم القيامة:

قال – صلى الله عليه وسلم -: ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة))رواه الترمذي وابن ماجه.

والنور على قدر الظلمة فمن كثر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة عظم نوره وعّم ضياءه يوم القيامة.

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((فيعطون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يغطي نوره مثل الجبل بين يديه ومنهم من يغطي فوق ذلك ومنهم من يغطي نوره مثل النخلة بيمينه حتى يكون آخر من يغطي نوره على إبهام قدمه يضيء مرة وينطفئ مرة)).

قال تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم وبإيمانهم)الحديد.

4- دخول الجنة لمن يصلي الفجر في جماعة:

قال – صلى الله عليه وسلم -: (من صلى البردين دخل الجنة) والبردين هما الفجر والعصر. وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)).

5- تقرير مشرف يرفع لرب السماء عنك يا من تصلي الفجر جماعة.

قال – صلى الله عليه وسلم-: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح والعصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم كيف وجدتم عبادي فيقولون تركناهم وهو يصلون وأتيناهم وهم يصلون)).

فيا عبد الله يا من تحافظ على صلاة الفجر سيرفع اسمك إلى الملك – جل وعلا – ألا يكفيك فخرا وشرفا!؟

6- قال – صلى الله عليه وسلم -: ((ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها))

الله أكبر

إذا كان سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها فكيف بأجر الفريضة ألله أكبر سيكون أعظم وأشمل.

7- الرزق والبركة لمن صلى الفجر جماعة: هذا الوقت وقت البركة في الرزق فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – ((اللهم بارك لأمتي في بكورها))

اللهم زد في أرزاقنا وبارك لنا فيها ووفقنا للصلاة في جماعة يا رب العالمين.

يا قومنا هذي الفوائد جمّة *** فتخيروا قبل الندامة وانتهوا

إن مّسكم ضمأ يقول نذيركم *** لا ذنب لي قلت للقوم استقوا

عباد الله كما أن للمحافظ على صلاة الفجر جماعة أجور وكنوز فإن لمن ضيعها آثار مدمرة وعقوبات مخفية:

أولها الإتصاف بصفات المنافقين: قال – تعالى -: ((وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا))

وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً)) رواة الشيخان عن أبي هريرة.

وها هو ابن مسعود يقول: لقد رايتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلا منافق معلوم النفاق))

ويقول بن عمر: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر أسأنا به الظن.

ثانياً الويل والغي لمن ترك صلاة الفجر: قال تعالى: ((فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون))

وقال -عز وجل-: ((فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا)) مريم

أضاعوها فأخروها عن وقتها كسلاً وسهوا ونوماً

وغي هو واد في جهنم تتعوذ منه النار في اليوم سبعين مرة.

ثالثها: يبول الشيطان في أذنيه كما روى أن بن مسعود قال ذكر رجل عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: نام ليلة حتى أصبح قال ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيطان قد استولى عليه واستخف به حتى جعله مكاناً للبول نعوذ بالله من ذلك.

رابعها: الخبث والكسل طوال اليوم لمن نام عن صلاة الفجر. وبهذا روى مسلم أن النبي صلى الله قال((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)).

ليس هذا فحسب بل وتعلن فضيحة على الملأ وتفوح معصية في ألأرجاء: قال أحد التابعين ((إن الرجل ليذنب الذنب فيصبح وعليه مذلته)).

خامسها: كسر الرأس في القبر ويوم القيامة: فقد ثبت في البخاري أن النبي – صلى الله عليه وسلم – رآى في رؤيا له:

((أن رجلاً مستلقياً على قفاه وآخر قائم عليه بصخرة يهوي بها على رأسه فيشد في رأسه فتتدهور الحجر فإذا ذهب ليأخذه فلا يرجع حتى يعود رأسه كما كان يفعل به مثل المرة الأولى وهكذا حتى تقوم الساعة فقال – صلى الله عليه وسلم – هذا جبريل، قال هذا الذي يأخذ القرآن ويرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة))

عباد الله كيف نأمل أن ينصرنا الله – عز وجل – وان يرزقنا ويهزم أعداءنا وان يمكن لنا في الأرض ونحن في تقصير وتفريط في حق الله.

كيف نسمع نداءه في كل يوم حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم ونحن لا نستجيب.

هل أمنا مكر الله؟

هل نسينا وقوفنا بين يدي الله.

فيا عبد الله قم عن الفراش وانهض من نومك واستعن بالله رب العالمين.

سادسها: يمنع الرزق وبركته:

قال ابن القيم: ((ونومة الصبح تمنع الرزق لأنه وقت تقسم فيه الأرزاق))

رآى بن عباس ابناً له نائما نوم الصبح فقال له قم ا تنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق.

فيا عبد الله لا تفرط في الصلاة عامة وصلاة الفجر خاصة وشمر عن ساعد الجد واستعن بالله

وهذه أمور تساعدك على أداء صلاة الفجر في جماعة:

أولها: نم مبكراً واترك السمر.

نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أن الجسم له حق علينا فإن إطالة السهر له تأثير على صحة الإنسان فالنوم المبكر خير والكلام بعد صلاة العشاء ورد النهي عنه من نبينا – صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيح إلا ما استثناه الدليل من مسامرة الزوج زوجته والجلوس مع الضيف ومدارسة العلم أما إذا خشي فوات صلاة الفجر فلا يجوز.

وثانيها: احرص على آداب النوم كالنوم على طهارة وأداء ركعتي الوضوء والمحافظة على أذكار النوم والاضطجاع على الشق الأيمن ووضع الكف الأيمن تحت الوجه وقراءة المعوذتين في الكفين ومسح ما أستطاع من الجسد بهما وغير ذلك من الآداب وادع الله أن يوفقك للقيام.

ثالثها  : ابذر الخير تحصد الخير: فمن قام عقب أداء طاعة من صلة رحم أو بر والدين و إحسان إلى جار أو صدقة سر، أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو سعي في حاجة مسلم كافأه الله بأن يكون ممن يشهدون الفجر.

ورابعها:عدم الإكثار من الأكل والشرب

فإن كثرة الأكل تولد ثقلا في النوم بل حتى الطاعة تقل والخشوع يذهب لأن من أكل كثيرا شرب كثيرا فتعب كثيرا فنام كثيرا فغفل كثيرا فخسر كثيرا.

وخامسها : ابتعد عن المعاصي في النهار كي تستطيع أن تقوم للصلاة وذلك بحفظ الجوارح عما لا يحل لها بالبعد عن النظر الحرام وكذلك اللسان والسمع وسائر الأعضاء فمن نام على معصية ارتكبها من غيبة مسلم أو خوض في باطل أو نظرة إلى حرام أو خلف وعد أو أكل حرام عوقب بالحرمان من شهود الفجر لان من أساء في ليله عوقب في نهاره ومن أساء في نهاره عوقب في ليله.

سادسها : لا تنسى عاقبة الصبر فمن عرف حلاوة الأجر هانت عليه مرارة الصبر والعاقل الفطن له في كل ما يرى حوله عبرة فمن سهر الليالي بلغ المعالي ومن استأنس بالرقاد استوحش يوم المعاد إلا إن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله الجنة.

اسأل الله أن يوفقنا لطاعته وأن يبعدنا عن معصتيه.

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم