السبت 27 يوليو 2024 / 21-محرم-1446

أنت في أي مربع في الحياة ؟



http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTra4InlCa2MqB9-9iyDHbZPe_KYogP8BBVU3RfB5jAy7hHK8VDkfmAeZ-0
د. جاسم المطوع .

تأملتُ حياة الإنسان ، فوجدتها تنقسم إلى أربعة أقسام ، سمَّيتُ كلَّ قسم منها:

(مربع)،وجعلتُ كل مربع مدته عشرون عاماً، على افتراضِ أنَّ الإنسان يعيش ثمانين عاماً.

ووجدتُ أن كل مربع من هذه المربعات له مهام وأهداف مختلفة عن الآخر:

(فالمربع الأول)

يبدأ من ميلاد الإنسان إلى بلوغه عشرين عاماً ،وصفة المرحلة هذه تكمن في التلقي والتعلم،

ثم يأتي (المربع الثاني)

ويبدأ من عمر الواحد والعشرين وحتى الأربعين عاماً، وهي مرحلة العمل وكسب الرزق وبناء الأسرة،


  ثم (المربع الثالث)

ويبدأ من الواحد والأربعين وحتى الستين عاماً، وهي مرحلة تعليم الآخرين وتقديم الخبرة والمهارة لهم،

وأخيراً (المربع الرابع)

ويبدأ من الواحد والستين وحتى الثمانين عاماً ،وهي مرحلة الإشراف على ما أسس وبنى ، مع التوجيه والمتابعة ، وهي مرحلة كمال النضج والحكمة .

وفي كل مربع من هذه المربعات لها ما يمتعها ويؤنسها ، كما لها تحدّياتها ومشاكلها وصعوباتها التي يعيشها الإنسان ، وقد يكون هناك أحياناً تداخل بين المربعات ،

فمثلاً: قد يستمر التلقي والتعليم لاستكمال الدراسات العليا ، فيدخل المتعلم على المربع الثاني إلى منتصفه ، وتختلف ظروف الناس كلّ بحسب ظرفه، فالشخص الذي لم يُوفّق للزواج مثلاً قد تتغيّر عنده مهمة المربع الثاني ،

فبدلاً من العمل لبناء أسرة فإنه يستمر في العطاء لخدمة المجتمع ، أو استكمال مشاريعه الخاصة ، أو قد يقوم بخدمة أسرته الكبيرة .

ولو تأملنا الآية الكريمة: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ، قال: ربِّ أوزعني أنْ أشكرَ نعمتك التي أنعمتَ عليَّ وعلى والديّ ، وأنْ أعملَ صالحاً ترضاه ، وأصلِحْ لي في ذريتي ، إني تبتُ إليك وإني من المسلمين ) ، وهذا يعني أنه انتهي من مربعين من الحياة ، وهو الآن مقبلٌ على آخر مربعين ، أي: إنه قد انتصف في الحياة ،

فلابدَّ أن يقف وقفةَ تقييمٍ لأعماله وماضيه ، وأن يتوب توبة منتصف العمر ، وأنْ يُجدّد العهد مع الله تعالى بأنه من المسلمين، ثم سينطلق إلى المربع الثالث وهو مربع خدمة المجمتع والمساهمة في الإصلاح والتنمية في المجال الذي تخصص فيه ، سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو صحياً ، أو غيرها من المجالات ..،

ولهذا أكثر الأنبياء جاءتهم الرسالة ونزلت عليهم بعدما تجاوزوا أول مربعين في حياتهم، وبدؤوا في بداية المربع الثالث ؛ لأنه هو مرحلة العطاء للآخرين ، وقد اكتمل النضج والفهم عندهم ، فينطلق حينها لتوجيه المجتمع وبناءه.

والمُوفَّقُ من توجَّهَ لبناء مجتمعه وهو بالمربع الثاني (21-40) ، وهذا توفيقاً من رب العالمين ، ونعمة عظيمة تستحق الشكر ، فيكون هذا الإنسان قد سبق وقته وزمانه ، وعاش متقدماً أقرانه وإخوانه .

فتأمَّلْ معي هذه المربعات ، وحدِّدْ موقعك ، واحرص أنْ تسبق زمانك،

والله الموفق لكل خير .

________________________

المصدر : صفحة الدكتور جاسم المطوع.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم