السبت 27 يوليو 2024 / 21-محرم-1446

أغضبتك لأعرف قدري عندك



 

هذا ما يحصل لدى كثير من الزوجات في الوقت الحاضر ظناً منهنّ بأنهنّ يختبرن أزوجهنّ لتتأكد الواحدة منهن مشاعر زوجها نحوها ، وهنّ يفكرن بهذا الأسلوب من جانب العاطفة فقط ، وتغفل إحداهنّ عن النفسيات والطبائع المختلفة بين الناس لاسيما بين الرجل والمرأة .

فهل أنت أيتها الزوجة الكريمة بحق تريدين معرفة قدرك عند زوجك ؟

وهل بسوء المعاملة نجلب الحب والوداد ؟

لم لا نتذكر أثناء تصرفاتنا الغاضبة ما يريده منا الطرف الآخر ؟

لم الأنانية  والجحود والتعامل الذي يهدم النفوس ويبعدها مسافات طويلة ؟

كيف تفكرين أيتها الأخت الكريمة والزوجة العاقلة !!!

أليس كل فرد يحتاج الى السكون والراحة والطمأنينة ؟

أليس هذا الزوج بشراً تتقلب نفسه بين حين وآخر نتيجة للظروف المحيطة به ؟

فلم تزيدين عليه الضغوط وتجعلين مساحة الضيق والهموم والأحزان تتكالب عليه وتزداد ..

لم لا تفكرين بإيجابية أكثر ، وبود أعمق لتجذبيه ، أما تعلمين أن كل فعل له ردة فعل ؟

 ألم تفهمي وتعي وتدركي بأن التصرف الحسن يولد ردود الفعل الظاهرة والخفية التي تتعلق بالمشاعر وتبقى ذكرها في القلوب ولا تغيب عن ذاكرة الإنسان ، { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } ( الرحمن 60 ) ، وكما قال الشاعر :

أحسن الى الناس تستعبد قلوبهم     ……………………………………

وأضرب لك مثلاً عملياً من امرأة مثلك ، انظري الى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : [ دخلتِ الحبشةُ المسجدَ يلعبون في المسجدِ، فقال: يا حُمَيْراءُ ، أُتُحِبِّين أن تنظري إليهم ؟ فقلتُ : نعم. فقام بالبابِ ، وجئته فوضَعَتُ ذَقَنِي على عاتَقِه ، وأَسْنَدْتُ وجهي إلى خَدِّه ، قالت : ومِن قولِهم يومئذٍ : أباَ القاسم طيِّبًا. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكِ . فقُلْتُ : لا تَعْجَلِ يا رسولَ اللهِ. فقامَ لي ، ثم قال :حَسْبُكِ. قلتُ : لا تَعْجَلْ يا رسولَ اللهِ. قالت : وما لي حبُّ النظرِ إليهم ؛ ولكني أَحْبَبْتُ أن يَبْلَغَ النساءَ مقامُه لي ومكاني منه ] ( النسائي 8951 ) .

فمعرفة المكانة تأتي بالحب والإحسان وليس بالمضايقة والإزعاج والغضب .

فلا بد من تغيير أفكارنا وتحسين نظرة عقولنا الى إشباع حاجاتنا حتى لا نفسد علاقاتنا ونحن نشعر أو لا نشعر .

ثم تذكري عظم قدر الزوج وأن رضاه عنك سبب لرضا الله فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمة حصين بن محصن رضي الله عنهما : [ فقالَ لَهَا أذاتُ زوجٍ أنتِ قالتْ نَعمْ قال فَأَيْنَ أنتِ منه قالت ما آلُوهُ إلَّا ما عجزْتُ عنه قال فكيفَ أنتِ له فإِنَّهُ جَنَّتُكِ ونارُكِ ] ( صحيح الترغيب والترهيب  ( 1 1933  ) ، وجاء أيضاً عنه صلوات ربي وسلامه عليه : [ أيما أمرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ] ( الجامع الصغير 2930   ) .

 وهل هذا الرضا يتحقق بأنك تغضبينه لتعرفي مكانتك عنده ؟

وهل أسلوب المغاضبة هو الطريق الوحيد الذي يجعلك تعرفين قيمتك ومعزتك لديه ؟

فإن الرضا لا يستجلب بالعنف ، فالمضايقة عنف على القلب ، الذي هو موقع المشاعر وصندوق الإحساس العاطفي .

فكري جيداً أيتها الزوجة الفاضلة فإن حسن النية قد لا يفيدك في مثل هذا التصرف والذي قد يصل به الأمر الى انهيار الأسرة ، فهي لعبة غير مستحسنة ، فلا تلعبينها ، فضغوط الحياة كثيرة .

نعم لو كان انفعالك عليه في يوم ما لسبب غير متعمد منك ، وكنت غاضبة لظرف من الظروف ثم تحمل غضبك وصبر عليك فهذا مؤشر الوفاء والحب والتقدير للعشرة الكريمة بينكما ، أما أنه يعلم بأنها لعبة أردت من وراءها كشف قلبه ، فلربما هذا القلب يفسد فحينها يقع الندم .

فأحسني التصرف وانتقي من الصفات الجميلة أحسنها ، وابدأي معه بالاعتذار عن الخطأ وقولي من داخلك وبصوتك من الخارج سامحني يا زوجي الغالي لأني أغضبتك لأعرف قدري عندك ، فقدرك عندي كبير ، وحبك في قلبي عظيم

________________________

بقلم/ وليد خزام الهاشمي

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم