الخميس 14 نوفمبر 2024 / 12-جمادى الأولى-1446

أعرافٌ وتقاليد تقف في طريق الحب



أعرافٌ وتقاليد تقف في طريق الحب 

http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTUnNXXx0Yc5mxSDfSLsu5MA_Db0hAUPEzTC1Qza8zdjBCIaDDx81b_L3Y0
د. فيصل بن سعود الحليبي.
السؤال
أحببت امرأة منذ أربع سنوات، وكل الذي بيننا مكالمات هاتفية، منذ أن كنت بالجامعة وعدتها بعد أن أتخرج وأحصل على وظيفة سأتقدم لخطبتها،

وفعلاً تخرجت منذ سنة من جامعة مرموقة بشهادة مرموقة ولله الحمد، وحصلت على وظيفة، ثم استشرت أهلي (الذين لا يعلمون أني أعرفها إلى الآن) قبل خطبتها بأن أقوم أنا بالاتصال بأبيها كي يعرفني عن قرب،

ولكن اكتشفت أن خطوتي طائشة، بعدما استغرب أبوها من اتصالي، وبعد السؤال عن عائلتي وجد أن الغالبية مصاهرون عوائل غير قبلية، ما جعل أبوها يرد بالرفض القطعي،

حاولت أقابلة كي أثبت له نسبنا بكل الإثباتات فلم يعطني فرصة، والله منذ عشرة أشهر وأنا محتار كيف أتقدم مرة أخرى دون أن يشك أهلها بعلاقتنا، لا أريد أن أتقدم خطوة تؤذيها،

ويعلم الله أن حبنا طاهر، ويعلم الله سبحانه أننا من أشهر قبائل العرب.هي لا تريد أن تتزوج شخصًا وقلبها معي، وأنا لا أريد أن أتزوج إنسانة وقلبي معها.. أرشدوني مأجورين..


الجواب

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيا أيها السائل الكريم، أسأل الله تعالى لك الحفظ والرعاية، والتوفيق والسداد في أمرك كله، ونشكرك على ثقتك في موقعنا لطلب الاستشارة، وأرجو من الله تعالى أن يشرح صدرك لما سأشير به عليك.

– إنك تعلم أن الإسلام حرّم أي علاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ما داما لم يُعْقد بينهما بالعقد الشرعي الصحيح، وخصوصًا إذا كانت العلاقة متسمة بالحب والغرام، ولو كان بنية الزواج بعد فترة، لأن هذا مدعاة إلى مفاسد كثيرة، ليس هذا مقام بسطها،ولكنك الآن تعيش بعضًا من مشكلاتها، وهي التعلق القلبي والعاطفي،

الذي اصطدم الآن وبقوة مع أعراف الناس أو التكافؤ في النسب، وأنا بلا ريب لا أعرفك، ولا أعرف نسبك -شرفك الله بالإيمان- وليس دوري أن أوازن بين نسبك ونسب هذه الفتاة، لأن هذا لن يغيّر من واقع الأمر شيئًا، فهذا أمر تديره أعراف القبائل والعشائر، ولا يقضي فيه الإنسان فيه بنفسه، لأنه مرتبط بأسرته، وأسرته مرتبطة بالقبيلة، وهذا أمر لا ينكره الشرع ما دام أنه لا يقوم على الطعن في الآخرين أو استحقارهم.

وانظر إلى آثار علاقتك بهذه الفتاة تلك السنوات ماذا خلّفت من الحرقة والأسى في عدم تحقيق الآمال في الزواج!!

فالتعلق العاطفي ليس أمرًا سهلاً.. ولست أقصد بذلك أن أهوّل الأمر عليك، بقدر ما أعاتبك على تلك العلاقة التي لا يرضاها الله تعالى، فإن الأحاديث التي كانت بينكما من المؤكد أنها كانت خضوعًا بالقول، وجنوحًا في التعبيرات، التي ينبغي ألا تكون إلا بين الأزواج فحسب، فمن الذي أجاز لك أن تتحدث مع هذه الفتاة بكل هذه الأريحية، وتشعر مع هذا أنك لم تصنع حرامًا!!

      أخي الكريم:

هل ترضى هذا لأحدٍ من أخواتك أو نساء بيتك، فتكون لهن علاقات قبل الزواج مع رجال يتمنين الزواج منهم!!

استغفر الله تعالى أولاً من هذا، فالاستغفار طريق لتفريج الكرب، والتوبة عمل صالح، لعلك تتقرب به إلى الله تعالى، وتتوسل به ليفرّج همّك، ويحقق أمنيتك.

واقطع فورًا أي اتصال بها، ولا تحدثها، فإن الله حرم الخضوع بالقول، فقال تعالى: “ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض”.

أما وقد حصلت هذه المشكلة، فإن كنت قبليًا ويمكن أن تناسب هذه الأسرة، فعليك أن تستعين ببعض العلماء المختصين بالأنساب، ولهم وزنهم في هذا القدر، ليتحدثوا إلى والد الفتاة، من دون أن يبدو عليك أن لك علاقة بها، ولا تعلن حبك لها، وتعامل مع الأمر بكل حكمة ومن دون توتر، وضع في ذهنك أن هذا من قسمة الله تعالى لعباده،

فإن كان لك نصيب فيها، فسيكون ذلك بإذن الله، وإلا فعليك بالصبر والحلم، ولعل الله تعالى يعوضك خيرًا منها، ولعل الله تعالى يدفع عنك سوءًا ربما كاد أن يحل بك، ولا تغالب القدر، فإن الله تعالى يقول: “إنا كل شيء خلقناه بقدر”.

ابذل ما تستطيعه من الشفاعات التي تشعر بقناعتها بقضيتك، ليكون لهم دور في إنجاح هدفك.

استعن بالله تعالى، واعلم أنه المعين سبحانه وحده.

ولا تجعل هذا الأمر يطغى على تفكيرك، فالمطلوب منك في هذا الحياة أسمى من أن تتعلق بفتاة مهما كانت في صلاحها وجمالها، بل الحياة أرحب من هذا كله، وشرفك وسعادتك ليست مرهونة بالمخلوقين، وإن كانوا من أسبابها، بل سعادتك في تعلقك بخالقك سبحانه وتعالى.

وحاول في هذه الفترة التي تمر عليك أن تخفف من حبك لها، ومن تعلقك بها نفسيًا، وتذكر بأن المسألة لا تأتي بالقوة، ولا تفكر أبدًا باللقاء غير الشرعي بها مهما كان الأمر، لأن هذا من خواطر الشيطان، وجناية عليك، وجناية عليها.

وقل لنفسك : كثير أولئك الذي عشقوا ولم يمكنوا ممن يعشقون، لأسباب كثيرة، فالسعادة ليست في الزواج ممن تعشق، بل لربما ادخر الله سعادتك في غيرها، “والله يعلم وأنتم لا تعلمون”، وإن كرهت عدم الاقتران بها فتذكر قول الكريم سبحانه: “وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم“.

واطلب من الله تعالى أن ييسر لك أمر الزواج من هذه الفتاة إن كان في زواجك منها خير، وأن يصرفك عنها إن كان في ذلك شر لك.

رعاك الله، وأسعدك في الدنيا والآخرة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

________________

المصدر: الإسلام اليوم .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم