الخميس 10 أكتوبر 2024 / 07-ربيع الثاني-1446

آداب وسنن الاحتفال بعيد الفطر المبارك



في كل عام، يأتي شهر رمضان وتأتي معه السعادة والفرحة، ويأبى هذا الشهر الكريم أن يتركنا دون أن يكمل سعادتنا، فيتركنا لعيد الفطر المبارك ليجعلنا نحمد الله على كل النعم الموجودة، والتي قد ننسى شكره عليها؛ بسبب وفرتها كنعمة الطعام، كما أنه يأتي كمكافأة جميلة بعد جهد الصيام والطاعات. فالمسلم ينتظر هذا اليوم ليشارك أهله وأصدقاءه الصلاة والأوقات الرائعة والمحببة السعيدة بين الجميع.

وقد جعل الله يوم الفطر عيداً للمسلمين؛ فيه يتبادلون التهاني والتزاور، وفيه يتعاطفون ويتراحمون، وفيه يتجملون ويتزينون، وفيه يتمتعون بطيبات ما رزق الله، وفيه يوثقون بينهم المحبة والإخاء.
وحتى يتم كل هذا، جعل الله افتتاح هذا اليوم السعيد اجتماعاً عاماً للمسلمين؛ يؤدون فيه جميعاً صلاةَ العِيد، يُكبِّرُون فيها ويُهلِّلون ويشكرون الله على ما هداهم، ويعطِفون على إخوانهم الفقراء والمساكين وأرباب الحاجات؛ ليستغنوا عن السؤال في هذا اليوم، ويُلقوا عِبْءَ الحياة خلف ظهورهم قليلاً؛ بمشاركتهم إخوانهم في الصلاة ومبادلتهم التحية والمحبة، والتهنئة والمودة، فيكون المسلم قد جمع في هذا اليوم بين اتصاله بربه عن طريق العبادة، والاتصال بالناس عن طريق التعاون والتراحم والإخاء.
وحتى تكتمل فرحة المسلم بعيده، وليتقرب من الله أكثر، فهناك بعض السنن والآداب التي يجب على المسلم اتباعها في عيد الفطر التي حثَّنا عليها نبينا صلى الله عليه وسلم، وهي كالتالي:

آداب وسنن العيد:

– صلاة العيد والاستماع للخطبة
حثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم شهادة صلاة العيد. حيث أن صلاة العيد سنة مؤكدة، واظب عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر الرجال والنساء -حتى الحُيَّض منهن- أن يخرجوا لها من البيوت لشهادتها. والسنةُ أن تُصلى جماعة.

– إخراج زكاة الفطر

زكاة الفطر فريضة واجبة؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما: “أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس: صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حر وعبد، ذكر وأنثى من المسلمين” رواه مسلم.
أي أنها تجب عن كل مسلم عبد أو حر، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، ويخرجها الإنسان عن نفسه وعمن يعول، وتخرجها الزوجة عن نفسها أو يخرجها عنها زوجها.
وقد روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات”.
أما عن وقت وجوبها؛ فقد ذهب الشافعية والحنابلة -وهو أحد قولين مشهورين للمالكية- إلى أن زكاة الفطر تجب عند غروب شمس آخر يوم من رمضان، والقول الآخر للمالكية أنها تجب بطلوع فجر يوم العيد. وذهب الجمهور إلى جواز إخراجها إلى غروب شمس يوم العيد، ويسن عندهم ألا تتأخر عن صلاة العيد، وإلا تكون صدقة، ويحرم عندهم جميعاً تأخيرها عن يوم العيد-الذي ينتهي بغروب شمسه- من غير عذر، ولا تسقط بهذا التأخير، بل يجب قضاؤها.

– الاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب
من الآداب الاغتسال قبل الخروج للصلاة. يستحب الغسل والتطيب للعيدين، من خرج للصلاة ومن لم يخرج لها، ويستحب لبس الحسن من الثياب للقاعد والخارج؛ ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى” أخرجه ابن ماجه والبيهقي.

ـ الأكل قبل الخروج

من الآداب ألا يخرج أحد في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات، لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ.. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْراً”. البخاري 953.

ـ التكبير أثناء التوجه لصلاة العيد

من السنن العظيمة التكبير في يوم العيد؛ لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. والتَّكبير هو التَّعظيم، والمراد به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل في كلمة “الله أكبر” كناية عن وحدانيته بالإلهية. وكذلك شُرع التكبير عند انتهاء الصيام. ومن أجل ذلك مضت السنة بأن يكبِّر المسلمون عند الخروج إلى صلاة العيد، ويكبِّر الإمام في خطبة العيد.
ولم يرد في صيغة التكبير شيء بخصوصه في السنة المطهرة، ولكن درج بعض الصحابة، منهم سلمان الفارسي رضي الله عنه، على التكبير بصيغة: “الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”. وزيادة الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأنصاره وأزواجه وذريته في ختام التكبير أمر مشروع؛ فإنَّ أفضل الذكر ما اجتمع فيه ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

ـ التهنئة

من آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم، أياً كان لفظها، مثل قول بعضهم لبعض: “تقبّل الله منا ومنكم”، أو “عيد مبارك”، وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة.

ـ الذهاب من طريق والعودة من آخر

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: “كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ” رواه البخاري 986. وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج ماشياً يصلي بغير أذان ولا إقامة، ثم يرجع ماشياً من طريق آخر. قيل: ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ. وقيل: لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم