السبت 20 أبريل 2024 / 11-شوال-1445

هل تريد النجاح؟…. أنصت!



 

ذكر أبو القاسم الزمخشري في ربيع الأبرار ونصوص الأخيار: بينما الخليفة العباسي أبو العباس السفاح يحدث أبا بكر الهذلي، إذ عصفت الريح فأدرت طستا من سطح إلى المجلس، فارتاع من حضر، ولم يتحرك الهذلي، ولم تزل عينه مطابقة لعين السفاح، فقال الخليفة: ما أعجب شأنك يا هذلي!، قال الهذلي: إن الله تعالى يقول: «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه» وإنما لي قلب واحد، فلما غمره السرور بفائدة أمير المؤمنين لم يكن فيه لحادث مجال، فلو انقلبت الخضراء على البيضاء ما أحسست بها ولا وجمت لها. فقال السفاح: لئن بقيت لأرفعن مكانك.

اليوم لا تعصف الرياح، ولا يسقط طست من سطح، ومع ذلك تجد أحد الطرفين يتكلم والآخر في عالم ثان.

المدرسون يشتكون من إنصات الطلبة، وبالتالي تدني النتائج أو نتائج غير مبنية على بناء فكري متين!

الآباء يشتكون من إنصات الأبناء، وأنهم يحتاجون لتكرار الأمر حتى يتم تنفيذه، والأبناء والبنات أيضا يشتكون أنهم يبوحون بأسرار بيوتهم لأصدقائهم لأنهم لم يجدوا من يستمع إليهم في داخل البيوت!

الإنصات الذي يعرف بأنه الإصغاء الواعي القاصد للتمييز بين الأصوات وفهمها واستيعابها، واستخلاص الأفكار، نعاني فيه من مشكلة على الرغم من أهميته وضرورته لتستمر الحياة، فقد قدم الله جل جلاله حاسة السمع على حاسة البصر في القرآن فقال سبحانه «ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا»، وقال الخبير: ما غلبني أحد قط غلبة رجل يصغي إلى حديثي، وكتبت إحدى المجلات العلمية: معظم الناس يستدعون الطبيب لا ليفحصهم وإنما ليستمع إليهم.

ولذلك نحن بحاجة إلى تنمية هذه المهارة لدينا ولدى أبنائنا إن كنا نريد النجاح، فنخصص الوقت اللازم لمن نحب ولا ننشغل عنهم بغيرهم، ونعود أنفسنا على الإنصات ومن عود نفسه تعود، والبعد عن الكبر أو تصيد الأخطاء وذلك بإحسان الظن بالمقابل حتى نستمع إليه وقد كان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يستمع للصغير كما الكبير، والكافر والمسلم، والتركيز على الأفكار الرئيسية لدى المتكلم، والتفاعل مع ما يطرح وتحليل معاني الكلمات، وعدم الانشغال بالرد والمشتتات كالجوال والتلفاز، ومن التقنيات الجميلة التي تدل على الانتباه وتساعد عليه تقنية SOLER، وهي مأخوذة من: S مواجهة المتحدث بطريقة أفقية مستقيمة، O وضعية جسد مفتوحة، L الانحناء قليلا نحو المتحدث، E ديمومة الاتصال البصري، R الهدوء.

أنصت لمن تحب كي لا يبحث عمن ينصت إليه.

—————————–

بقلم د. شلاش الضبعان

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم