الجمعة 19 أبريل 2024 / 10-شوال-1445

الصراخ على الأطفال



عدنان بن سلمان الدريويش

الأسرةُ هي المحضِن الأول للطفل، ومنها يتعلم القيمَ والأخلاق، وفيها تتشكل شخصيتُه حسب الأساليب التربوية التي يستخدمها الوالدان، سواء كانت إيجابية أو سلبية.

ومن الأساليب التي يستخدمها الأبوان في تربية الأطفال:

أسلوب الصراخ، والصراخ هو أحدُ الأساليب التي يستسهلها الوالدان كونها تأتي بنتائج فورية، من أجل أن يكفَّ الطفل عن تصرف ما فورَ سماعه صراخ والديه.

وبالرغم من أنَّ الطفل قد يهدأ بسرعة بعد الصراخ عليه، فإن ذلك يؤدي إلى شعوره بالحزن، وقد تستمر تلك المشاعر السلبيَّة فترة قصيرة أو طويلة، فعند كل خطأ يرتكبه الأطفال مقصودًا أو غير مقصود، وحتى عندما يملؤون البيت بلعبِهم ولَهوهم، تضيق صدور بعض الأمهات والآباء عن تحمُّله، فيكفُّونهم عن اللعب بالصراخ.

والسؤال هنا:

هل الصراخ يعد طريقة سليمة للتواصل مع الأطفال؟ وهل الصراخ علاج فعال لكثير من مشكلات الأطفال؟ وهل مرَّت تجارب علينا تؤكد نجاح هذا الأسلوب؟

رغم اعتقاد معظم الآباء أن الصراخ على الطفل يُساعد على حل المشكلات في الوقت الحالي، ويمنعه من التصرف بسوءٍ في المستقبل، فإن هذا الاعتقاد لا أساس له من الصحة؛ فالكثير من الآباء والأمهات لا ينتبهون إلى أن صراخهم في وجه أطفالهم قد يعطي تأثيرًا سلبيًّا في نفسية الطفل.

إن الصراخ على الأطفال ينتج سلوكيات سلبية في نواح كثيرة؛ منها:

  • هدم الثقة بالنفس، فالطفل الذي يصرخ عليه والداه باستمرار غالبًا ما يشعر بعدم قيمته كفردٍ، وسيؤدي إلى انطوائه وعدم مشاركته مع مَن حوله.
  • الخوف، وغالبًا ما يؤدي الصراخ إلى شعور الطفل بالخوف، ومن ثَم يتراكم هذا الإحساس ليؤدي إلى شخصية متوترة وخائفة، ليس لديها القدرة على حل مشاكلها.
  • العدوانية، فالأطفال الذين يتعرضون إلى التعنيف والصراخ من قِبَل ذويهم باستمرار، غالبًا ما تتَّسم شخصياتهم بالعدوانية، خاصة عندما يصل عُمر الطفل إلى أربع أو خمس سنوات.
  • عدم القدرة على التركيز، وهي من المشاكل التي يعاني منها الطفل بسبب الصراخ والإساءة العاطفية التي يتعرض لها.
  • إن استخدام العنف اللفظي والصراخ على الطفل بدلًا من محاكاته بالمنطق، قد يسبِّب في زيادة أخطائه وتكرارها دون أن يتعلم منها.

لذا علينا إذا أردنا التوقف عن الصراخ على الأطفال:

♦ البحث عن السبب الرئيس الذي جعل الطفل وقع في الخطأ.

♦ منح الطفل تحذيرًا قبل البدء بالصراخ عليه، فالأطفال بطبيعتهم يماطلون في الوقت، سواء أكان في موعد النوم أو التوقف عن الإزعاج، ليكون كافيًا لاستجابته لما يُطلب منه.

♦ أخذ وقت كافٍ بعيدًا عن الطفل، من أجل إخراج الطاقات السلبية قبل التكلم في أي موضوع، خاصة في لحظات التوتر والغضب.

♦ التدرُّب على ضبط النفس، والتفكير لبضع دقائق قبل البدء بأي تصرف.

♦ تعليم الطفل السلوك الإيجابي بالحوار الهادئ وبالقصة أولى من الصراخ عليه.

♦ إدراك أن ما يقوم به الأطفال من تصرُّفات في عمرهم الصغير، قد يكون أمرًا طبيعيًّا رغم أنه سلوك خاطئ، وحينئذ الواجب تعليمه كيف التعامل مع المواقف، بدلًا من لومِه.

♦ كنْ قدوةً صالحة لهم، فالأطفال يتعلمون طريقةَ التواصل منك منذ الولادة، لذلك ركِّز على نفسك عند التعامل معه، من خلال خفض الصوت، واستخدام الألفاظ المحترمة والعبارات السليمة والكلمات الواضحة.

♦ لا تحاوِلْ أن تتذكرَ المشاكل السابقة التي قام بها طفلُك، مما يسبِّب لك تراكمات تدفعك إلى الغضب بشكلٍ أكبرَ، ومنها إلى الصراخ.

أسأل الله أن يبعدَ عنا وعنكم سوءَ الأخلاق، وأن يجعل بيوتنا عامرةً بالطاعة والعمل الصالح وحسن الخلق، وأن يُصلح لنا ولكم الذريةَ، وصلى الله على سيدنا محمد

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم