السبت 27 أبريل 2024 / 18-شوال-1445

الخجل عند الأطفال



عدنان سلمان عبدالرحمن الدريويش  

تقول أُمُّ علاء: “في بيت الجَدِّ، وعند اجتماع العائلة ينخرط الأطفال في اللعب والمرح هنا وهناك، عدا طفلي علاء، فهو متشبِّثٌ بي، لا يريد الحراك عني، أحاول إقناعه بالذَّهاب واللعب مع أقرانه لكنه يرفض بقوة، وقد يصل الأمر إلى الصراخ، فماذا أفعل؟ وما مشكلته؟”

إن هذا النوع من المشاكل يسمى “خجل الأطفال”، فلماذا الخجل؟ وكيف نُعيد الثقة إلى هذا الطفل؟

الخجل حالةٌ طبيعية في كثير من الأحيان، يبدأ أول مظاهرها غالبًا في السنة الأولى من عُمر الطفل؛ حيث يدير الطفل وجهه، أو يُغمض عينيه، أو يبدأ في البكاء عند رؤيته لشخص غريب.

ولكن عندما يكون الخجل شديدًا، ويستمر فترةً طويلةً مع تقدُّم العمر للطفل؛ عندئذٍ يمكننا التدخل لعلاج هذه المشكلة، والطفل الخجول لديه حالة عاطفية وانفعالية مُعقَّدة، تنطوي على الشعور بالنقص‏,‏ وهو طفل متردِّد في قراراته، مُنعزِلٌ‏ عن الناس,‏ وسلوكه يتَّسم بالجمود والخمول‏,‏ وينمو محدود الخبرة، لا يستطيع التكيُّف مع الآخرين، يعتمد اعتمادًا كاملًا على والديه، ويلتصق بهما، لا يعرف كيف يواجه الحياة منفردًا، ويظهر ذلك بوضوح عند التحاقه بالمدرسة.

وعلى المربِّي أن يفرِّق بين الخجل المذموم الذي يحجب صاحبه عن ملاقاة الناس، والاختلاط بهم، ومعاملتهم، والمهابة منهم بغير سبب، وبين الحياء الذي يمنع صاحبه من ارتكاب الفعل القبيح، ويصون كرامته.

ومن أسباب الخجل لدى الأطفال

♦ الوراثة؛ فهي تلعب دورًا في شدة الخجل عند الأطفال، فغالبًا ما يكون له أب يتمتع بصفة الخجل، أو أُمٌّ أو أحد الأقارب المباشرين مثل العَمِّ أو الجَدِّ.

♦ أسلوب الحماية الزائدة؛ حيث تقلق الأُمُّ على طفلها بشكل زائد، وتراقب تصرُّفاته باستمرار بهدف حمايته؛ مما يحول دون انطلاقه، واستمتاعه باللعب، والتواصُل مع رفاقه.

♦ أسلوب القسوة والتشدُّد في معاملة الطفل، والإكثار من زجره وتوبيخه عندما يخطئ، وخاصةً أمام أقرانه؛ مما يُثير لدى الطفل الشعور بالنقص، وعدم الثقة بالنفس.

♦ الانغلاق الأسري؛ بمعنى أن تكون الأسرة غير اجتماعية؛ فيتربَّى الطفل في جوٍّ مغلق لا يتوفر فيه القدر المناسب من الاختلاط النافع بالآخرين.

♦ الشعور بالنقص؛ وهو من أقوى مُسبِّبات الخجل عند الأطفال، وقد يرجع إلى وجود عاهة جسمية لدى الطفل؛ كفقدان أحد أطرافه أو البَصَر، وقد يرجع شعور الطفل بالنقص إلى قلة مصروفه، أو تدنِّي مستوى ملابسه وأدواته مقارنةً بزملائه

♦ الخلافات بين الوالدين؛ فهي سبب لشعوره بعدم الأمان؛ مما يؤثر في نفسيَّتِه، فيُفضِّل الانطواء، ويلوذ بالخجل.

وإليك عشرة حلول تساعدك- بإذن الله- في استعادة الثقة لطفلك الخجول:

1- مدح سلوكياته الإيجابية الاجتماعية؛ كمساعدته لأحد إخوته، أو اللعب معهم، أو حين يبدأ في الحديث مع الآخرين.

2- تدريب الطفل على الحديث أمام الناس وتشجيعه، وتعليمه كيف يثق بنفسه من خلال التحدُّث عنه أمام الآخرين بفخر وإعزاز، وتركه يتصرف في شؤونه بطريقته دون أن نُمْلي عليه ما يجب أن يفعل.

3- عدم التدخُّل للدفاع عنه في المواقف الخلافية بينه وبين إخوته؛ بل تركه يتصرف من تلقاء نفسه، حتى لو تعرَّض للضرب، والحالة الوحيدة التي يمكنك التدخُّل فيها إذا كان هناك خطر ما يتعرَّض له أحد المتشاجرين.

4- تشجيعه على ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة مع بعض أصدقائه أو أقاربه، فهذا يمنحه لياقة بدنية، فيزداد ثقةً بنفسه.

5- محاولة تمثيل الأدوار في البيت مع جميع الأولاد كلعبة الضيوف، كلٌّ له دور، ومن خلال هذه اللعبة يمكن أن يتعلم الطفل كيف يُحسِن التصرُّف سواء كان ضيفًا أو مضيفًا.

6- عدم إجبار الطفل على الحديث مع الآخرين أو الاندماج معهم إذا كان لا يرغب في ذلك، ومنحه وقتًا حتى يرتاح إليهم، حتى لا تكون آثار ذلك عكسية على نفسيته.

7- إلحاق الطفل بروضة للأطفال أو نادٍ؛ فهذا سيُطوِّر مهاراته الاجتماعية، مع الصبر عليه إذا حاول التمنُّع في البداية

8- مناقشة الطفل في الأحداث التي ستكون قبل حصولها؛ كأن يخبر عمَّن سيكون حاضرًا، وماذا سيحدث، ومساعدته على التركيز على الجانب الإيجابي للموقف، والحوار معه عمَّا يريد فعله عندما يصل الضَّيف مثلًا.

9- المبادرة إلى حل الخلافات الأسرية إن كانت موجودة، ومحاولة تعايش الوالدين في سلام؛ لتوفير مناخ أسري ينعم بالثقة والمحبة والاستقرار

10- الابتعاد عن العبارات السلبية التي تُدمِّر شخصيته؛ كقولك له: يا خجول، يا بليد، يا كسول، انظر إلى أصدقائك …، الناس لا يحبونك لأنك خجول، كن رجلًا، كن مثل فلان….

ويمكنك أن تقول له: عمك سيزورنا اليوم، ما رأيك أن تستقبله أنت، وتُرحِّب به، وتُدخِله البيت، أرى أنك أهل لذلك…

أسأل الله العظيم أن يُبارك لكم في ذريَّاتِكم، وأن يجعل بيوتنا عامرةً بطاعة الله، وأن يشفي أولادَنا من كل مرض وبلاء، وصلى الله على سيِّدنا محمد

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم